النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{لِيَمِيزَ ٱللَّهُ ٱلۡخَبِيثَ مِنَ ٱلطَّيِّبِ وَيَجۡعَلَ ٱلۡخَبِيثَ بَعۡضَهُۥ عَلَىٰ بَعۡضٖ فَيَرۡكُمَهُۥ جَمِيعٗا فَيَجۡعَلَهُۥ فِي جَهَنَّمَۚ أُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡخَٰسِرُونَ} (37)

قوله عز وجل : { لِيَمِيزَ اللَّهُ الخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ } فيه وجهان :

أحدهما : الحلال من الحرام .

الثاني : الخبيث ما لم تخرج منه حقوق الله تعالى ، والطيب : ما أخرجت منه حقوق الله تعالى .

يحتمل ثالثاً : أن الخبيث : ما أنفق في المعاصي ، والطيب : ما أنفق في الطاعات .

{ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ } أي يجمعه في الآخرة وإن تفرق في الدنيا { فَيَرْكُمَهُ جَمِيعاً } أي يجعل بعضه فوق بعض ، ومنه قوله تعالى : { ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَاماً }

[ النور : 43 ] .

وفي قوله تعالى : { فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ } وإن كانت الأموال لا تعذّب وجهان :

أحدهما : أن يجعلها عذاباً في النار يعذبون بها ، كما قال تعالى : { يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ } [ التوبة : 35 ] الآية .

الثاني : أنه يجعل أموالهم معهم في جهنم لأنهم استطالوا بها وتقووا على معاصي الله فجعلها معهم في الذل والعذاب كما كانت لهم في الدنيا عزاً ونعيماً .