الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يُنفِقُونَ أَمۡوَٰلَهُمۡ لِيَصُدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِۚ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيۡهِمۡ حَسۡرَةٗ ثُمَّ يُغۡلَبُونَۗ وَٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ إِلَىٰ جَهَنَّمَ يُحۡشَرُونَ} (36)

ثم أخبرنا ، تعالى ، أن الذين كفروا يعطون{[27394]} أموالهم للمشركين مثلهم ليتقووا{[27395]} بها على قتال النبي صلى الله عليه وسلم ، فيصدون بذلك عن سبيل الله ، وهو الإسلام ، فسينفقون أموالهم { ثم تكون } نفقتهم عليهم { حسرة } ؛ لأن الأموال تذهب ، ولا يصلون إلى ما أمَّلوا ، فذهابها في الدنيا حسرة عليهم ، وما اجترحوا{[27396]} من إثمها عليهم حسرة في الآخرة أيضا ، { ثم يغلبون } ، ولا تنفعهم نفقتهم ، وهم إلى ربهم يحشرون في المعاد{[27397]} .

قال ابن أبزى : نزلت هذه الآية في أبي سفيان ، استأجر يوم أحد ألفين ليقاتل بهم النبي عليه السلام ، سوى من استجاش{[27398]} من العرب{[27399]} .

قيل : إنه أنفق أربعين أوقية [ من ذهب ]{[27400]} ، يوم أحد ، والأوقية يومئذ : اثنان وأربعون مثقالا{[27401]} .

وذلك أنه لما وصل بالعير إلى مكة دعا الناس إلى القتال ، فغزوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في العام المقبل إلى أحد . وكانت بدر في رمضان ، يوم جمعة صبيحة سابع عشرة من رمضان . وكانت أحد في شوال يوم السبت لإحدى عشرة ليلة خلت منه في العام الثاني من بدر ، وهو العام الرابع من الهجرة{[27402]} .

وروى جماعة من التابعين : أن أبا سفيان لما سلم بعيره [ إلى مكة ]{[27403]} /كانت العير لجماعة ، فتكلم قريش إلى أصحاب العير أن يعينوهم بمالها على حرب النبي عليه السلام ، ليطلبوا أثأرهم{[27404]} ففعلوا ، فأنزل الله ، عز وجل : { إن الذين كفروا ينفقون أموالهم } الآية{[27405]} .


[27394]:في "ر": يعطون أموالهم ثم تكون نفقته للمشركي، ولا يستقيم به المعنى.
[27395]:في "ر" ليتقوى.
[27396]:جرح: اكتسب، وبابه قطع، واجترح مثله. المختار / جرح.
[27397]:انظر: جامع البيان 13/529.
[27398]:استجاشه: طلب منه جيشا. المختار / جيش.
[27399]:جامع البيان 13/230، وأسباب النزول للواحدي 240، ولباب النقول 195، وينظر: زاد المسير 3/354، وتفسير ابن كثير 2/307.
[27400]:زيادة من مصادر التوثيق أسفله.
[27401]:جامع البيان 13/531، وتفسير ابن أبي حاتم 5/1697، والدر المنثور 4/63.
[27402]:الأثر معزو إلى قتادة في جامع البيان 13/531، بزيادة يسيرة في بعض ألفاظه.
[27403]:زيادة من "ر".
[27404]:جمع الثأر. اللسان / ثأر.
[27405]:سيرة ابن هشام 2/60، وجامع البيان 13/532، وتفسير ابن أبي حاتم 5/1698، وأسباب النزول للواحدي 441، وتفسير ابن كثير 2/307، والدر المنثور 4/63، ولباب النقول 195، باختصار شديد. قال الطبري، المصدر السابق،: "والصواب من القول في ذلك عندي ما قلنا، وهو أن يقال: إن الله أخبر عن الذين كفروا به من مشركي قريش، أنهم ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله، لم يخبرنا بأي أولئك عني، غير أنه عم الخبر {الذين كفروا}...".