جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يُنفِقُونَ أَمۡوَٰلَهُمۡ لِيَصُدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِۚ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيۡهِمۡ حَسۡرَةٗ ثُمَّ يُغۡلَبُونَۗ وَٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ إِلَىٰ جَهَنَّمَ يُحۡشَرُونَ} (36)

{ إن الذين{[1849]} كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا } : الناس { عن سبيل الله } لما رجع من بقى من الكفرة من البدر إلى مكة ، استعانوا من أبي سفيان وغيره من مال تجارة الشام ، واستقرضوا أيضا ثم أنفقوا في غزوة أحد ، ولهذا قالوا : نزلت في أبي سفيان ، أو المراد صرف أموالهم في غزوة بدر { فسينفقونها } أي : بعد ذلك في غزوة أحد { ثم تكون عليهم حسرة } : في الآخرة ، أو في الدنيا لذهاب الأموال ، وعدم نيل المرام { ثم يغلبون } : عاقبة الأمر ، وقيل : المراد من قوله : " فسينفقونها " ذكر قرب زمان الإنفاق ثم الحسرة على صرفه ثم غلبة المؤمنين ، فإنه وإن كان الإنفاق وحده واقعا متقدما لكن الإنفاق والحسرة والمغلوبية ، لم يقع بعد حين نزول الآية ، { والذين كفروا إلى جهنم{[1850]} يحشرون } : يعني : من مات على الكفر منهم .


[1849]:لما فرغ سبحانه من شرح هؤلاء الكفرة في الطاعات البدنية، أتبعها شرح أحوالهم في الطاعات المالية فقال: "إن الذين كفروا ينفقون أموالهم" الآية/12 فنح.
[1850]:لما أخبر بما آل إليه حالهم في الدنيا من حسرتهم وكونهم مغلوبين، أخبر بما يؤول إليه حالهم في الآخرة، ولام "ليميز" متعلق بيحشرون، هذا هو ظاهر القرآن، وباقي التوجيهات تمحل وتكلف/12 وجيز.