بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يُنفِقُونَ أَمۡوَٰلَهُمۡ لِيَصُدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِۚ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيۡهِمۡ حَسۡرَةٗ ثُمَّ يُغۡلَبُونَۗ وَٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ إِلَىٰ جَهَنَّمَ يُحۡشَرُونَ} (36)

قوله تعالى :

{ إِنَّ الذين كَفَرُواْ يُنفِقُونَ أموالهم } على عداوة رسول الله صلى الله عليه وسلم { ليصدوا عن سبيل الله } ، يعني ليصرفوا الناس عن دين الله وطاعته . قال ابن عباس رضي الله عنهما : نزلت الآية في المطعمين يوم بدر ، وهم الذين كانوا يطعمون أهل بدر حين خرجوا في طريقهم . قال الله تعالى : { فَسَيُنفِقُونَهَا } . وكانوا ثلاثة عشر رجلاً أطعموا الناس الطعام ، فكان على كل رجل منهم يوماً ، منهم : أبو جهل ، وأخوه الحارث ، ابنا هشام وعتبة وشيبة ، ابنا ربيعة ومنبه ونبيه ، ابنا الحجاج ، وأبو البختري بن هشام ، وحكيم بن حزام ، وأبي بن خلف وغيرهم ؛ يقول الله تبارك وتعالى : { فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً } ، يعني تكون نفقاتهم عليهم حسرة وندامة ، لأنها تكون لهم زيادة العذاب ، فتكوى بها جنوبهم وظهورهم . وقال مجاهد : هو نفقة أبي سفيان على الكفار يوم أحد . وقال الحكم : أنفق أبو سفيان على المشركين يوم أحد أربعين أوقية ذهباً . { ثُمَّ يُغْلَبُونَ } ، يعني يهزمون ولا تنفعهم نفقتهم شيئاً : { والذين كَفَرُواْ إلى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ } ، يعني إن القتل والهزيمة لم تكن كفارة لذنوبهم ، فيحشرون في الآخرة إلى جهنم .