اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يُنفِقُونَ أَمۡوَٰلَهُمۡ لِيَصُدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِۚ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيۡهِمۡ حَسۡرَةٗ ثُمَّ يُغۡلَبُونَۗ وَٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ إِلَىٰ جَهَنَّمَ يُحۡشَرُونَ} (36)

قوله تعالى : { إِنَّ الذين كَفَرُواْ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ } الآية .

لمَّا شرح أحوال الكفَّار في طاعاتهم البدنية ، أتبعها بشرح أحوالهم في الطَّاعات الماليَّةِ .

قال مقاتل والكلبيُّ : نزلت في المُطعمين يوم بدر ، وكانوا اثني عشر رجلاً من كبار قريش ، كان يطعم كلُّ واحد منهم يوم عشر جزر{[17332]} .

وقال سعيدُ بن جبيرٍ : نزلت في أبي سفيان وإنفاقه المال على حرب محمد يوم أحد ، وكان قد استأجر ألفين من الأحابيش سوى من استجاش من العربِ ، وأنفق عليهم أربعين أوقية ، والأوقية : اثنان وأربعون مثقالا{[17333]} ، هكذا قاله الزمخشريُّ . ثُم بيَّن تعالى أنهم إنَّما ينفقون المال : { لِيَصُدُّواْ عَن سَبِيلِ الله } أي : غرضهم من الإنفاق الصد عن اتباع محمد وهو سبيل الله ، وإن لم يكن عندهم كذلك .

قال : { فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً } أي : أنَّ هذا الإنفاق يكون عاقبته حسرة ؛ لأنَّهُ يذهب المال ولا يحصل المقصودُ ، بل يغلبون في آخر الأمر . { والذين كفروا إلى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ } وإنَّما خصَّ الكفار ، لأن فيهم من أسلم .


[17332]:ذكره البغوي في "معالم التنزيل" (2/247) والرازي (15/129).
[17333]:أخرجه الطبري في "تفسيره" (6/242) وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/334) وزاد نسبته إلى ابن سعد وعبد بن حميد وابن أبي حاتم وأبي الشيخ وابن عساكر.