الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{وَٱلشَّمۡسُ تَجۡرِي لِمُسۡتَقَرّٖ لَّهَاۚ ذَٰلِكَ تَقۡدِيرُ ٱلۡعَزِيزِ ٱلۡعَلِيمِ} (38)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{لمستقر لها}: لوقت لها إلى يوم القيامة.

{ذلك}: الذي ذكر من الليل والنهار، والشمس والقمر يجري في ملكه بما قدر من أمرهما وخلقهما {تقدير العزيز العليم}.

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

قوله تعالى: {والشّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرّ لَهَا} يقول تعالى ذكره: والشمس تجري لموضع قرارها، بمعنى: إلى موضع قرارها...

وقوله:"ذلكَ تَقْدِيرُ العَزِيزِ العَلِيمِ" يقول: هذا الذي وصفنا من جري الشمس لمستقرّ لها، تقدير العزيز في انتقامه من أعدائه، العليم بمصالح خلقه، وغير ذلك من الأشياء كلها، لا يخفى عليه خافية.

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

{والشمس تجري لمستقرٍّ لها}... أي لنهاية لها وغاية.

{ذلك تقدير العزيز العليم} العزيز: الذي لا يعجزه شيء، ويعز من أن يغلبه شيء.

والعليم: الذي يعز من أن يخفى عليه شيء.

وقال بعضهم: العزيز الذي أظهر أثر الذُّل في غيره، ولا يرى أحد إلا وأثر الذّل والحاجة فيه ظاهر.

التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :

{ذلك تقدير العزيز العليم} أي: من قدر الشمس على ذلك إلا القادر الذي لا يضام، العالم بما يفعله.

لطائف الإشارات للقشيري 465 هـ :

على ترتيبٍ معلوم لا يتفاوت في فصول السنة، وكل يومٍ لها مشرِقٌ جديد ولها مغرِبٌ جديد.. وكل هذا بتقدير العزيز العليم.

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

{والشمس تجري لمستقر لها} إشارة إلى نعمة النهار بعد الليل كأنه تعالى لما قال: {وآية لهم الليل نسلخ منه النهار} ذكر أن الشمس تجري فتطلع عند انقضاء الليل فيعود النهار بمنافعه.

نقول المختار هو أن المراد من المستقر المكان أي تجري لبلوغ مستقرها وهو غاية الارتفاع والانخفاض، فإن ذلك يشمل المشارق والمغارب والمجرى الذي لا يختلف والزمان وهو السنة والليل فهو أتم فائدة.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

لما كان هذا الجري على نظام لا يختل على مر السنين وتعاقب الأحقاب تكل الأوهام عن استخراجه، وتتحير الأفهام في استنباطه، عظمه بقوله: {ذلك} أي الأمر الباهر للعقول؛ وزاد في عظمه بصيغة التفعيل في قوله: {تقدير} وأكد ذلك لافتاً القول عن مطلق مظهر العظمة إلى تخصيصه بصفتي العزة والعلم تعظيماً لهذه الآية تنبيهاً على أنها أكبر آيات السماء فقال: {العزيز} أي الذي لا يقدر أحد في شيء من أمره على نوع مغالبة، وهو غالب على كل شيء.

{العليم} أي المحيط علماً بكل شيء الذي يدبر الأمر، فيطرد على نظام عجيب ونهج بديع لا يعتريه وهن ولا يلحقه يوماً نوع خلل، إلى أن يريد سبحانه إبادة هذا الكون فتسكن حركاته وتفنى موجوداته...

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

الشمس تدور حول نفسها. وكان المظنون أنها ثابتة في موضعها الذي تدور فيه حول نفسها. ولكن عرف أخيراً أنها ليست مستقرة في مكانها. إنما هي تجري. تجري فعلاً. تجري في اتجاه واحد في الفضاء الكوني الهائل بسرعة حسبها الفلكيون باثني عشر ميلاً في الثانية! والله -ربها الخبير بها وبجريانها وبمصيرها- يقول: إنها تجري لمستقر لها. هذا المستقر الذي ستنتهي إليه لا يعلمه إلا هو سبحانه. ولا يعلم موعده سواه. وحين نتصور ان حجم هذه الشمس يبلغ نحو مليون ضعف لحجم أرضنا هذه. وأن هذه الكتلة الهائلة تتحرك وتجري في الفضاء، لا يسندها شيء، ندرك طرفاً من صفة القدرة التي تصرف هذا الوجود عن قوة وعن علم: (ذلك تقدير العزيز العليم)...

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

{الشمس} يجوز أن يكون معطوفاً على {اللَّيْلُ} من قوله: {وءايَةٌ لهم اللَّيْلُ} [يس: 37] عطفَ مفرد على مفرد ويقدر له خبر مماثل لخبر الليل، والتقدير: والشمس آية لهم، وتكون جملة {تَجْرِي} حالاً من {الشمس} مثل جملة {نَسْلَخُ منه النَّهَارَ} [يس: 37].

ويجوز أن يكون عطفَ جملة على جملة ويكون قوله: {تَجْرِي} خبراً عن {الشمس}. وأيَّاما كان فهو تفصيل لإِجمال جملة {وءاية لهم الليل نسلخ منه النهار} [يس: 37] الخ كما دل عليه قوله الآتي: {ولا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ} [يس: 40]، وكان مقتضى الظاهر من كونه تفصيلاً أن لا يعطف فيقال: الشمسُ تجري لمستقر لها، فخولف مقتضى الظاهر؛ لأن في هذا التفصيل آيةً خاصة وهي آية سير الشمس والقمر.

وقدم التنبيه على آية الليل والنهار لما ذكرناه هنالك؛ فكانت آية الشمس المذكورة هنا مراداً بها دليل آخر على عظيم صنع الله تعالى وهو نظام الفصول.

وجملة {تَجْرِي لِمُسْتقر لها} يحتمل الوجوه التي ذكرناها في جملة {أحييناها} [يس: 33] من كونها حالاً أو بياناً لجملة {وءَايَةٌ لهُم} [يس: 37] أو بدل اشتمال من {وءَايَةٌ}.

والجري حقيقته: السير السريع وهو لذوات الأرْجل، وأطلق مجازاً على تنقل الجسم من مكان إلى مكان تنقلاً سريعاً بالنسبة لتنقل أمثال ذلك الجسم، وغلب هذا الإِطلاق فساوى الحقيقة وأريد به السير في مسافات متباعدة جِدَّ التباعد فتقطعها في مدة قصيرة بالنسبة لتباعد الأرض حول الشمس. وهذا استدلال بآثار ذلك السير المعروفةِ للناس معرفةً إجمالية بما يحسبون من الوقت وامتداد الليل والنهار وهي المعرفة لأهل المعرفة بمراقبة أحوالها من خاصة الناس وهم الذين يرقبون منازل تنقلها المسماة بالبروج الاثني عشر، والمعروفةِ لأهل العلم بالهيئة تفصيلاً واستدلالاً وكل هؤلاء مخاطبون بالاعتبار بما بلغه علمهم.

والمستقر: مكان الاستقرار، أي القرار أو زمانه، فالسين والتاء فيه للتأكيد مثل: استجاب بمعنى أجاب. واللام في لِمُستَقَرٍ} يجوز أن تكون لام التعليل على ظاهرها، أي تجري لأجل أن تستقر، أي لأجل أن ينتهي جريها كما ينتهي سير المسافر إذا بلغ إلى مكانه فاستقر فيه، وهو متعلق ب {تجري} على أنه نهاية له؛ لأن سير الشمس لما كانت نهايته انقطاعَه نُزّل الانقطاع عنه منزلة العلة كما يقال: « لِدُوا للموت وابنوا للخراب».

وتنزيل النهاية منزلة العلة مستعمل في الكلام، ومنه قوله تعالى: {فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدواً وحزناً} [القصص: 8]. والمعنى: أنها تسير سيراً دائباً مشاهداً إلى أن تبلغ الاحتجاب عن الأنظار.

ويجوز أن تكون اللام بمعنى (إلى)، أي تجري إلى مكان استقرارها وهو مكان الغروب، شبه غروبها عن الأبصار بالمستقَر والمأوَى الذي يأوي إليه المرء في آخر النهار بعد الأعمال...

واعلم أن قوله: {لِمُستقر لها} إدماج للتعليم في التذكير وليس من آية الشمس للناس؛ لأن الناس لا يشعرون به فهو كقوله تعالى: {ليقضى أجل مسمى} [الأنعام: 60] عقب الامتنان بقوله: {وهو الذي يتوفاكم بالليل ويعلم ما جرحتم بالنهار ثم يبعثكم فيه ليقضى أجل مسمى ثم إليه مرجعكم} [الأنعام: 60].

تفسير الشعراوي 1419 هـ :

الشمس هي آلة الضوء الذي نسلخه عن الليل، ومعنى {تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَـا} أي: لشيء ولغاية تستقر عندها...

فمعنى {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَـا} أي: الشمس بمجموعتها، وما يدور حولها من كواكب تجري إلى نجم يسميه علماء الفلك (الفيجا) والعرب تسميه (النسر) الواقع... ومعنى {لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَـا} المستقر إما أن يكون نهاية العام، ثم تبدأ عاماً جديداً، وتشرق من أول مطلع لها، أو أن المستقر آخر عمرها ونهايتها حيث تنفض وتُكوَّر وتنتهي.

لكن، ما الذي يحرك هذه المجموعة الشمسية؟ وكيف تجري بهذه السرعة؟ ونحن نعلم أن الحركة تحتاج إلى طاقة تمدها، فما الطاقة التي تحرك هذه المجموعة بهذه الصورة وهذا الاستمرار؟ قالوا: إنها تجري، لأن الله خلقها على هيئة الحركة والجريان، لذلك تجري لا يُوقفِها شيء، وستظل جارية إلى أن يشاء الله، فلا يلزمها إذن طاقة تحركها، ومثال ذلك قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَٰوَٰتِ وَالأَرْضَ أَن تَزُولاَ وَلَئِن زَالَتَآ إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِّن بَعْدِهِ} [فاطر: 41].

وفي علم الحركة قانون اسمه قانون العطالة، وهو أن كل متحرك يظل على حركته، إلى أنْ تُوقفه، وكل ساكن يظلُّ على سكونه إلى أنْ تُحركه، وهذا القانون فسَّر لنا حركة الأقمار الصناعية ومراكب الفضاء التي تظل متحركة لفترات طويلة.

ونتساءل: ما الفترة التي تحركها طوال هذه المدة؟ إنها تتحرك؛ لأنها وضعت في مجالها على هيئة الحركة فتظل متحركة لا يُوقِفها شيء لأنها فوق مجال الجاذبية. إذن: كل الذي احتاجته هذه الآلات من الطاقة هي طاقة الصاروخ الذي يحملها، إلى أنْ يعبر بها مجال الجاذبية الأرضية، أما هي فتظل دائرة بلا طاقة وبلا وقود.

ثم يُذكِّرنا الحق سبحانه بفضله في هذه الحركة، فيقول {ذَلِكَ} أي: ما سبق من حركة الليل والنهار وجريان الشمس {تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ} يعني: كل هذا الجريان وكل هذه الحركة إنما هما بتقدير الله، وكلمة {الْعَزِيزِ} هنا مناسبة تماماً، فالمعنى أنه تعالى العزيز الذي لا تغلبه القوانين؛ لأنه سبحانه خالق القوانين.

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{وَٱلشَّمۡسُ تَجۡرِي لِمُسۡتَقَرّٖ لَّهَاۚ ذَٰلِكَ تَقۡدِيرُ ٱلۡعَزِيزِ ٱلۡعَلِيمِ} (38)

قوله تعالى : { والشمس تجري لمستقر لها } يجوز أن يكون تقديره وآية لهم الشمس . ويجوز أن يكون { الشمس } مرفوعا بإضمار فعل يفسره الثاني . ويجوز أن يكون مرفوعا بالابتداء { تجري } في موضع الخبر أي جارية . وفي صحيح مسلم عن أبي ذر قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قوله عز وجل : { والشمس تجري لمستقر لها } قال : ( مستقرها تحت العرش ) . وفيه عن أبي ذر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوما :

( أتدرون أين تذهب هذه الشمس ) ؟ قالوا الله ورسوله أعلم ، قال : ( إن هذه تجري حتى تنتهي إلى مستقرها تحت العرش فتخر ساجدة فلا تزال كذلك حتى يقال لها : ارتفعي ارجعي من حيث جئت فترجع فتصبح طالعة من مطلعها ثم تجري حتى تنتهي إلى مستقرها تحت العرش فتخر ساجدة ولا تزال كذلك حتى يقال لها ارتفعي ارجعي من حيث جئت فترجع فتصبح طالعة من مطلعها ثم تجري لا يستنكر الناس منها شيئا حتى تنتهي إلى مستقرها ذاك تحت العرش فيقال لها : ارتفعي أصبحي طالعة من مغربك فتصبح طالعة من مغربها ) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أتدرون متى ذلكم ؟ ذاك حين { لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا } [ الأنعام :158 ] ) . ولفظ البخاري عن أبي ذر قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي ذر حين غربت الشمس : ( تدري أين تذهب ) قلت الله ورسوله أعلم ، قال : ( فإنها تذهب حتى تسجد تحت العرش فتستأذن فيؤذن لها ، ويوشك أن تسجد فلا يقبل منها ، وتستأذن فلا يؤذن لها يقال لها : ارجعي من حيث جئت فتطلع من مغربها ، فذلك قوله تعالى : { والشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم } ) . ولفظ الترمذي عن أبي ذر قال : دخلت المسجد حين غابت الشمس والنبي صلى الله عليه وسلم جالس . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( يا أبا ذر أتدري أين تذهب هذه ) قال قلت : الله ورسوله أعلم . قال : ( فإنها تذهب فتستأذن في السجود فيؤذن لها وكأنها قد قيل لها اطلعي من حيث جئت فتطلع من مغربها ) قال : ثم قرأ " ذلك{[13211]} مستقر لها " قال :وذلك قراءة عبد الله . قال أبو عيسى : هذا حديث حسن صحيح . وقال عكرمة : إن الشمس إذا غربت دخلت محرابا تحت العرش تسبح الله حتى تصبح ، فإذا أصبحت استعفت ربها من الخروج فيقول لها الرب : ولم ذاك ؟ قالت : إني إذا خرجت عبدت من دونك . فيقول الرب تبارك وتعالى : أخرجي فليس عليك من ذاك شيء ، سأبعث إليهم جهنم مع سبعين ألف ملك يقودونها حتى يدخلوهم فيها .

وقال الكلبي وغيره : المعنى تجري إلى أبعد منازلها في الغروب ، ثم ترجع إلى أدنى منازلها ، فمستقرها بلوغها الموضع الذي لا تتجاوزه بل ترجع منه ؛ كالإنسان يقطع مسافة حتى يبلغ أقصى مقصوده فيقضي وطره ، ثم يرجع إلى منزله الأول الذي ابتدأ منه سفره . وعلى تبليغ الشمس أقصى منازلها ، وهو مستقرها إذا طلعت الهنعة ، وذلك اليوم أطول الأيام في السنة ، وتلك الليلة أقصر الليالي ، فالنهار خمس عشرة ساعة والليل تسع ساعات ، ثم يأخذ في النقصان وترجع الشمس ، فإذا طلعت الثريا استوى الليل والنهار ، وكل واحد ثنتا عشرة ساعة ، ثم تبلغ أدنى منازلها وتطلع النعائم ، وذلك اليوم أقصر الأيام ، والليل خمس عشرة ساعة ، حتى إذا طلع فرس الدلو المؤخر استوى الليل والنهار ، فيأخذ الليل من النهار كل يوم عشر ثلث ساعة ، وكل عشرة أيام ثلث ساعة ، وكل شهر ساعة تامة ، حتى يستويا ويأخذ الليل حتى يبلغ خمس عشرة ساعة ، ويأخذ النهار من الليل كذلك . وقال الحسن : إن للشمس في السنة ثلاثمائة وستين مطلعا ، تنزل في كل يوم مطلعا ، ثم لا تنزله إلى الحول ، فهي تجري في تلك المنازل وهي مستقرها . وهو معنى الذي قبله سواء . وقال ابن عباس : إنها إذا غربت وانتهت إلى الموضع الذي لا تتجاوزه استقرت تحت العرش إلى أن تطلع .

قلت : ما قاله ابن عباس يجمع الأقوال فتأمله . وقيل : إلى انتهاء أمدها عند انقضاء الدنيا ، وقرأ ابن مسعود وابن عباس { والشمس تجري لا مستقر لها } أي : إنها تجري في الليل والنهار لا وقوف لها ولا قرار ، إلى أن يكورها الله يوم القيامة . وقد احتج من خالف المصحف فقال : أنا أقرأ بقراءة ابن مسعود وابن عباس . قال أبو بكر الأنباري : وهذا باطل مردود على من نقله ؛ لأن أبا عمرو روى عن مجاهد عن ابن عباس وابن كثير روى عن مجاهد عن ابن عباس { والشمس تجري لمستقر لها } فهذان السندان عن ابن عباس اللذان يشهد بصحتهما الإجماع - يبطلان ما روي بالسند الضعيف مما يخالف مذهب الجماعة ، وما اتفقت عليه الأمة .

قلت : والأحاديث الثابتة التي ذكرناها ترد قوله ، فما أجرأه على كتاب الله ، قاتله الله . وقوله : { لمستقر لها } أي : إلى مستقرها ، والمستقر موضع القرار . { ذلك تقدير } أي : الذي ذكر من أمر الليل والنهار والشمس تقدير { العزيز العليم } .


[13211]:كذا في الأصول وفي صحيح الترمذي ولعله تحريف، إذ لا تعرف قراءة بهذا النص، وقراءة عبد الله بن مسعود "والشمس تجري لا مستقر لها" كما سيأتي.
 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{وَٱلشَّمۡسُ تَجۡرِي لِمُسۡتَقَرّٖ لَّهَاۚ ذَٰلِكَ تَقۡدِيرُ ٱلۡعَزِيزِ ٱلۡعَلِيمِ} (38)

قوله : { وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا } اللام بمعنى إلى . يعني إلى مستقر لها وفي قراءة بعضهم ( إلى مستقر ) {[3905]} والمراد : مستقر الشمس المكاني وهو تحت العرش ، إذ تخرّ الشمس ساجدة لله في كل ليلة بعد غروبها . وقيل : المراد بمستقرها : منتهى سيرها وذلك يوم القيامة ؛ إذ ينقطع جريها وتسكن حركتها وتكوَّر ثم ينتهي هذا العالم إلى غايته . وهذا هو مستقرها الزماني .

قوله : { ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ } الإشارة بذلك عائدة إلى جري الشمس ؛ أي ذلك الجري على ذلك التقدير المحكم والحساب الدقيق ، المنضبط الذي لا يتخلف ولا يتبدل { تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ } { العزيز } ، أي القوي القاهر الذي يغلب بقدرته كل شيء . وهو سبحانه محيط علمه بكل شيء .


[3905]:الدر المصون ج 9 ص 269