إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{وَٱلشَّمۡسُ تَجۡرِي لِمُسۡتَقَرّٖ لَّهَاۚ ذَٰلِكَ تَقۡدِيرُ ٱلۡعَزِيزِ ٱلۡعَلِيمِ} (38)

{ والشمس تَجْرِي لِمُسْتَقَرّ لَّهَا } لحدَ مُعين ينتهي إليهِ دورُها فشبه بمستقرِّ المسافرِ إذ قطع مسيرَه أو لكبد السَّماءِ فإنَّ حركتَها فيه توجد أبطأ بحيثُ يظنُّ أنَّ لها هناك وقفةً قال :[ البسيط ]

[ معروريا رمض الرضراض يركضه *** والشَّمسُ حَيْرى لها بالجوِّ تدويمُ{[681]}

أو لا استقرارَ لها على نهجٍ مخصوصٍ أو لمنتهى مقدَّر لكلِّ يومٍ من المشارقِ والمغاربِ فإنَّ لها في دورِها ثلاثمائة وستِّين مشرقاً ومغرباً تطلع كلَّ يومٍ من مطلعِ وتغربُ من مغربٍ ثمَّ لا تعودُ إليهما إلى العامِ القابلِ أو لمنقطعِ جريها عند خرابِ العالمِ . وقرئ إلى مستقرَ لها . وقرئ لا مستقرَّ لها أي ، لا سكونَ لها فإنَّها متحرِّكةٌ دائماً وقرئ لا مستقرَّ لها على أنَّ لا بمعنى ليسَ .

{ ذلك } إشارةٌ إلى جريها وما فيهِ من معنى البُعد مع قُرب العهدِ بالمُشارِ إليه للإيذانِ بعلوِّ رُتبتهِ وبُعد منزلتِه أي ذلك الجريُ البديعُ المنطوي على الحِكَمِ الرَّائعةِ التي تحارُ في فهمها العقولُ والأفهامُ { تَقْدِيرُ العزيز } الغالبِ بقُدرته علَى كلِّ مقدورٍ { العليم } المحيطِ علمُه بكلِّ معلومٍ .


[681]:وهو لذي الرمة في ديوانه (ص 418)؛ ولسان العرب (12/215) (دوم)، (14/157) (جوا)؛ (15/320) (نزا)؛ وتاج العروس (18/355) (ركض) (360) (رمض)، (دوم) وأساس البلاغة (ركض)، (دوم).