فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَٱلشَّمۡسُ تَجۡرِي لِمُسۡتَقَرّٖ لَّهَاۚ ذَٰلِكَ تَقۡدِيرُ ٱلۡعَزِيزِ ٱلۡعَلِيمِ} (38)

{ والشمس تَجْرِى لِمُسْتَقَرّ لَّهَا } يحتمل : أن تكون الواو للعطف على الليل ، والتقدير : وآية لهم الشمس ، ويجوز أن تكون الواو ابتدائية ، والشمس مبتدأ ، وما بعدها الخبر ، ويكون الكلام مستأنفاً مشتملاً على ذكر آية مستقلة . قيل : وفي الكلام حذف ، والتقدير : تجري لمجرى مستقرّ لها ، فتكون اللام للعلة : أي لأجل مستقرّ لها ، وقيل : اللام بمعنى : إلى وقد قرئ بذلك . قيل : والمراد بالمستقرّ : يوم القيامة ، فعنده تستقرّ ، ولا يبقى لها حركة ، وقيل : مستقرها هو أبعد ما تنتهي إليه ولا تجاوزه ، وقيل : نهاية ارتفاعها في الصيف ، ونهاية هبوطها في الشتاء ، وقيل : مستقرها تحت العرش ؛ لأنها تذهب إلى هنالك ، فتسجد ، فتستأذن في الرجوع ، فيؤذن لها ، وهذا هو الرّاجح . وقال الحسن : إن للشمس في السنة ثلثمائة مطلعاً تنزل في كل يوم مطلعاً ، ثم لا تنزل إلى الحول ، فهي تجري في تلك المنازل ، وهو : مستقرّها ، وقيل : غير ذلك . وقرأ ابن مسعود ، وابن عباس ، وعكرمة ، وزين العابدين ، وابنه الباقر ، والصادق بن الباقر " لا مستقرّ لها " بلا التي لنفي الجنس ، وبناء مستقرّ على الفتح . وقرأ ابن أبي عبلة : " لا مستقرّ " بلا التي بمعنى : ليس ، ومستقرّ اسمها ، ولها خبرها ، والإشارة بقوله : { ذلك } إلى جري الشمس : أي ذلك الجري { تَقْدِيرُ العزيز } أي الغالب القاهر { العليم } أي المحيط علمه بكل شيء ، ويحتمل أن تكون الإشارة راجعة إلى المستقرّ : أي ذلك المستقرّ : تقدير الله .

/خ40