وقوله - تعالى - : { والشمس تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا } بيان لدليل آخر على قدرته - تعالى - وهو معطوف على قوله - تعالى - قبل ذلك : { وَآيَةٌ لَّهُمُ الليل . . . }
قال الآلوسى ما ملخصه : وقوله { لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا } أى لحد معين تنتهى إليه . . شبه بمستقر المسافر إذا انتهى من سيره ، والمستقر عليه اسم مكان ، واللام بمعنى إلى . .
ويصح أن يكون اسم زمان ، على أنها تجرى إلى وقت لها لا تتعداه ، وعلى هذا فمستقرها : انتهاء سيرها عند انقضاء الدنيا . .
والمعنى : وآية أخرى لهم على قدرتنا ، وهى أن الشمس تجرى إلى مكان معين لا تتعداه وإلى زمن محدد لا تتجاوزه وهذا المكان وذلك الزمان ، كلاهما لا يعلمه إلا الله - تعالى - .
قال بعض العلماء : قوله - تعالى - : { والشمس تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا } أى : والشمس تدور حول نفسها ، وكان المظنون أنها ثابتة فى موضعها الذى تدور فيه حول نفسها . ولكن عرف أخيرا أنها ليست مستقرة فى مكانها ، وإنما هى تجرى فعلا . . تجدرى فى اتجاه واحد ، فى هذا الفضاء الكونى الهائل بسرعة حسبها الفلكيون باثنى عشر ميلا فى الثانية .
والله ربها الخبير بجريانها وبمصيرها يقول : إنها تجرى لمستقر لها ، هذا المستقر الذى ستنتهى إليه لا يعلمه إلا هو - سبحانه - ولا يعلم موعده سواه .
وحين نتصور أن حجم هذه الشمس يبلغ نحو مليون ضعف لحجم أرضنا هذه ، وأن هذه الكتلة الهائلة تتحرك أو تجرى فى الفضاء لا يسندها شئ ، حين نتصور ذلك ، ندرك طرفا من صفة القدرة التى تصرف هذا الوجود عن قوة وعن علم .
وقد ساق القرطبى عند تفسيره لهذه الآية جملة من الأحاديث فقال : وفى صحيح مسلم عن أبى ذر قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قوله - تعالى - : { والشمس تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا } قال مستقرها تحت العرش .
ولفظ البخارى عن أبى ذر قال : " قال النبى صلى الله عليه وسلم لى حين غربت الشمس . " تدرى أين تذهب " ؟ قلت : الله ورسوله أعمل . قال : فإنها تذهب حتى تسجد تحت العرش ، فتستأذن فيؤذن لها ، ويوشك أن تسجد فلا يقبل منها ، وتستأذن فلا يؤذن لها . فقال لها : ارجعى من حيث جئت . فتطلع من مغربه . فذلك قوله - تعالى : { والشمس تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا } " .
واسم الإِشارة فى قوله { وذَلِكَ تَقْدِيرُ العزيز العليم } يعود إلى الجرى المفهوم من " تجرى " .
أى : ذلك الجريان البديع العجيب المقدر الشمس ، تقدير الله - تعالى - العزيز الذى لا يغلبه غالب ، العليم بكل شئ فى هذا الكون علما لا يخفى معه قليل أو كثير من أحوال هذا الكون .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.