{ وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا } يحتمل أن تكون الواو للعطف على الليل والتقدير : وآية لهم الشمس ، ويجوز أن تكون ابتدائية ، والشمس مبتدأ وما بعدها الخبر ، ويكون الكلام مستأنفا مشتملا على ذكر آية مستقلة . قيل : وفي الكلام حذف ، والتقدير تجري لمجرى مستقر لها أي تنتهي في سيرها لأجل مستقر لها .
وقيل : اللام بمعنى إلى ، قيل : والمراد بالمستقر يوم القيامة فعنده تستقر فلا تبقى لها حركة ، وقيل : مستقرها هو أبعد ما تنتهي إليه ولا تجاوزه ، وقيل : نهاية ارتفاعها في الصيف ، ونهاية هبوطها في الشتاء ، وقيل : مستقرها تحت العرش لأنها تذهب إلى هنالك فتسجد فتستأذن في الرجوع فيؤذن لها ، وهذا هو الراجح .
وقال الحسن : إن للشمس في السنة ثلثمائة وستين مطلعا تنزل في كل يوم مطلعا ، لا تنزل إلى الحول ، فهي تجري في تلك المنازل وهو مستقرها .
وقيل : إن الشمس في الليل تسير وتشرق على عالم آخر من أهل الأرض ، وإن كنا لا نعرفه{[1396]} ، ويؤيد هذا القول ما قاله الفقهاء في باب المواقيت . كالشمس الرملي من أن الأوقات الخمسة تختلف باختلاف الجهات والنواحي فقد يكون المغرب عندنا عصرا عند آخرين ، ويكون الظهر صبحا عند آخرين ، وهكذا ، وقيل غير ذلك ، وقرئ لا مستقر لها بلا التي لنفي الجنس ، وبناء مستقر على الفتح وقرئ لا مستقر ، بلا التي بمعنى ليس ، ومستقر اسمها ولها خبرها .
{ ذَلِكَ } أي ذلك الجري على ذلك الحساب الذي يكل النظر عن استخراجه وتتحير الأفهام عن استنباطه { تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ } أي الغالب القاهر بقدرته على كل مقدور { الْعَلِيمِ } أي المحيط علمه بكل شيء ، ويحتمل أن تكون الإشارة راجعة إلى المستقر أي ذلك المستقر تقدير الله .
أخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن أبي ذر قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قوله : { والشمس تجري لمستقر لها } قال : مستقرها تحت العرش{[1397]} .
وفي لفظ للبخاري وغيره من حديثه قال : كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد عند غروب الشمس فقال : يا أبا ذر أتدري أين تغرب الشمس ؟ قلت الله ورسوله أعلم . قال : إنها تذهب حتى تسجد تحت العرش فذلك قوله : والشمس تجري لمستقر لها .
وفي لفظ من حديثه أيضا عند أحمد والترمذي والنسائي وغيرهم ، قال : ( يا أبا ذر أتدري أين تذهب هذه ؟ قلت الله ورسوله أعلم قال : فإنها تذهب حتى تسجد بين يدي ربها فتستأذن في الرجوع فيأذن لها ، وكأنها قد قيل لها : اطلعي من حيث جئت فتطلع من مغربها ، ثم قرأ ذلك مستقر لها ، وذلك قراءة عبد الله وأخرج الترمذي والنسائي وغيرهما من قول ابن عمر نحوه .
قال النووي : اختلف المفسرون فيه ، فقال جماعة بظاهر الحديث ، قال الواحدي : فعلى هذا القول إذا غربت الشمس كل يوم استقرت تحت العرش إلى أن تطلع ، وقيل : تجري إلى مستقر لها وأصل لا تتعداه وعلى هذا فمستقرها انتهاء سيرها عند انقضاء الدنيا ، وأما سجود الشمس فهو تمييز وإدراك يخلقه الله فيها والله وأعلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.