جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
قوله : "وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنّمَ" يقول تعالى ذكره : وجاء الله يومئذٍ بجهنم ...
وقوله : "يَوْمَئِذٍ يَتَذَكّرُ الإنْسانُ" يقول تعالى ذكره : يومئذٍ يتذكر الإنسان تفريطه في الدنيا في طاعة الله ، وفيما يقرّب إليه من صالح الأعمال
"وَأنّى لَهُ الذّكْرَى" يقول : من أيّ وجه له التذكير ...
تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :
قوله تعالى : { يومئذ يتذكر الإنسان وأنى له الذكرى } يحتمل أن يتذكر إشفاق الأنبياء عليهم السلام ونصيحتهم له ، فيعلم أنه كان في ما توهم بهم من الظنون الفاسدة مبطلا ، فيكون بذكره ذلك مصدقا للرسل عليهم السلام { وأنى له الذكرى } أي لا ينفعه تصديقه إياهم ، إذ لم يصدقهم في الدنيا ، أو { يتذكر } في أن يتلهف على ما فرط في جنب الله من التقصير في حقوقه والتضييع الذي سبق منه حين لم يشكر نعمه ، ولم يوجه إليه العبادة ، فيكون تلهفه ذلك إيمانا ، ولكن لا ينفعه تلهفه في ذلك الوقت لأن تلك الدار ليست بدار امتحان ، بل دار جزاء . والذي يحمله على التصديق مشاهدته الجزاء والحساب ، وعند المشاهدة ترتفع المحنة ، ويكون إيمانه حينئذ ضروريا لا حقيقة ، فذلك لا ينفعه ، وإنما تنفعه الطاعة وقت ملكه نفسه . فأما إذا خرج ملك نفسه من يده لم يقع له بالإيمان جدوى . وقال بعضهم : { يتذكر الإنسان } أي يتعظ ، وأنى له الانتفاع بالموعظة . ثم في هذا التذكر بيان لطف من الله تعالى ، يعطيه إياه حتى يتذكر ، وإلا فالإنسان يذهب عليه ما قد كتبه في وقت إذا أتى عليه حين ، حتى لو أراد أن يتذكر وقت كتابته ، لم يقدر عليه . ثم الله تعالى يذكره في الآخرة جميع ما سبق منه في الدنيا ، فيتذكر ذلك . ...
التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :
أي: أحضرت جهنم ليعاقب بها المستحقون لها ويرى أهل الموقف هولها ، وعظم منظرها . وقوله ( يتذكر الإنسان ) إخبار منه تعالى بأن الإنسان يتذكر ما فرط فيه في دار التكليف من ترك الواجب وفعل القبيح ويندم عليه . ثم قال تعالى ( وأنى له الذكرى ) ومعناه من أين له الذكرى التي كان أمر بها في دار الدنيا ، فإنها تقوده إلى طريق الاستواء وتبصره الضلال من الهدى ، فكأنه قال وأنى له الذكرى التي ينتفع بها ، كما لو قيل يتندم وأنى له الندم . ...
الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :
" أي : يتذكر ما فرّط فيه ، أو يتعظ { وأنى لَهُ الذكرى } ومن أين له منفعة الذكرى ؟ لا بد من تقدير حذف المضاف ، وإلا فبين : يوم يتذكر ، وبين { وأنى لَهُ الذكرى } تناف وتناقض . ...
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
{ وجاء } أي بأسهل أمر { يومئذ } أي إذ وقع ما ذكر { بجهنم } أي النار التي تتجهم من يصلاها ،.. وأبدل من " إذا " توضيحاً لطول الفصل وتهويلاً قوله : { يومئذ } أي إذ وقعت هذه الأمور فرأى الإنسان ما أعد للشاكرين وما أعد للكافرين ....{ يتذكر الإنسان } أي على سبيل التجديد والاستمرار فيذكر كل ما كان ينفعه في الدنيا وما يضره فيعلم أن حبه للدنيا لم يفده إلا خساراً ، لا زاد بحبها شيئاً لم يكتب له ولا كان ينقصه بذلها شيئاً كما كتب له أو بذلها ، وإذا تذكر ذلك هان عليه البذل ، وليست تلك الدار دار العمل ، فلذلك قال : { وأنى } أي كيف ومن أي وجه { له الذكرى } أي نفع التذكر العظيم فإنه في غير موضعه ، فلا ينفعه أصلاً بوجه من الوجوه لفوات دار العمل ، ولا يقع بذلك على شيء سوى الندم وتضاعف الغم والهم والآلام . ... .
في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :
ثم يجاء بجهنم فتقف متأهبة هي الأخرى ! " يومئذ يتذكر الإنسان " . . الإنسان الذي غفل عن حكمة الابتلاء بالمنع والعطاء . والذي أكل التراث أكلا لما ، وأحب المال حبا جما . والذي لم يكرم اليتيم ولم يحض على طعام المسكين . والذي طغى وأفسد وتولى . . يومئذ يتذكر . يتذكر الحق ويتعظ بما يرى . . ولكن لقد فات الأوان " وأنى له الذكرى ؟ " . . ولقد مضى عهد الذكرى ، فما عادت تجدي هنا في دار الجزاء أحدا ! وإن هي إلا الحسرة على فوات الفرصة في دار العمل في الحياة الدنيا ! ...
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :
وما نستنبطه من الآية ، إنّ جهنم قابلة للحركة ، فتقرب للمجرمين ، كما هو حال حركة الجنّة للمتقين : ( واُزلفت الجنّة للمتقين ) . وثمّة مَن يعطي للآية معنىً مجازياً ، ويعتبرها كناية عن ظهور الجنّة والنّار أمام أعين المحسنين والمسيئين . ولكن ، لا دليل على الأخذ بخلاف الظاهر ، ومن الأفضل التعامل مع ظاهر الآية ، لأنّ حقائق عالم القيامة لا يمكن فهمها وتصورها بشكل دقيق لمحدودية عالمنا أمام ذلك العالم من جهة ؟ ولاختلاف القوانين والسنن التي تحكم ذلك العالم من جهة أخرى . . ثمّ ، ما المانع في تحرك كلّ من الجنّة والنّار في ذلك اليوم ؟ ... نعم ، فحينما يرى المذنب كلّ تلك الحوادث تهتز فرائصه ويتزلزل رعباً ، فيستيقظ من غفلته ويعيش حالة الهمّ والغمّ ، ويتحسر على كلّ لحظة مرّت من حياته بعدما يرى ما قدّمت يداه ، ولكن . هل للحسرة حينها من فائدة ؟ ! وكم سيتمنى المذنب لو تسنح له الفرصة ثانية للرجوع إلى الدنيا وإصلاح ما أفسد ، ولكنّه سيرى أبواب العودة مغلقة ، ولا من مخرج ! . . . ويودّ التوبة . . وهل للتوبة من معنى بعد غلق أبوابها ؟ ! ويريد أن يعمل صالحاً . . ولكن أين ؟ فقد طويت صحائف الأعمال ، ويومها يوم حساب بلا عمل ! . . . ...
" وجيء يومئذ بجهنم " قال ابن مسعود ومقاتل : تقاد جهنم بسبعين ألف زمام ، كل زمام بيد سبعين ألف ملك ، لها تغيظ وزفير ، حتى تنصب عن يسار العرش . وفي صحيح مسلم عن عبد اللّه بن مسعود قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : [ يؤتى بجهنم ، لها سبعون ألف زمام ، مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرونها ] . وقال أبو سعيد الخدري : لما نزلت " وجيء يومئذ بجهنم " تغير لون رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، وعرف في وجهه . حتى اشتد على أصحابه ، ثم قال : [ أقرأني جبريل " كلا إذا دكت الأرض دكا دكا " الآية ، جيء يومئذ بجهنم ] . قال علي رضي اللّه عنه : قلت يا رسول اللّه ، كيف يجاء بها ؟ قال : ( تؤتى بها تقاد بسبعين ألف زمام ، يقود بكل زمام سبعون ألف ملك ، فتشرد شردة لو تركت لأحرقت أهل الجمع ثم تعرض لي جهنم فتقول : ما لي ولك يا محمد ، إن اللّه قد حرم لحمك علي ) فلا يبقى أحد إلا قال نفسي نفسي إلا محمد صلى اللّه عليه وسلم فإنه يقول : رب أمتي رب أمتي
قوله تعالى : " يومئذ يتذكر الإنسان " أي يتعظ ويتوب . وهو الكافر ، أو من همته معظم الدنيا{[16061]} . " وأنى له الذكرى " أي ومن أين له الاتعاظ والتوبة وقد فرط فيها في الدنيا . ويقال : أي ومن أين له منفعة الذكرى . فلا بد من تقدير حذف المضاف ، وإلا فبين " يومئذ يتذكر " وبين " وأنى له الذكرى " تناف . قاله الزمخشري .
ولما كانت جهنم لا تأتي بنفسها لأنها لو أتت بنفسها لربما ظن أنها خارجة عن القدرة بل تقودها الملائكة ، فكلما عالجوها ذهاباً وإياباً حصل للناس من ذلك من الهول ما لا يعلمه إلا الله تعالى ، وكان المهول نفس المجيء بها لا تعيين الفاعلين ، لذلك بني للمفعول قوله : { وجاء } أي بأسهل أمر { يومئذ } أي إذ وقع ما ذكر { بجهنم } أي النار التي تتجهم من يصلاها ، روي أنه يؤتى بها لها سبعون ألف زمام مع كل زمام سبعون ألف ملك ، وهو كقوله تعالى :
{ وبرزت الجحيم لمن يرى }[ النازعات : 36 ] وأبدل من " إذا " توضيحاً لطول الفصل وتهويلاً قوله : { يومئذ } أي إذ وقعت هذه الأمور فرأى الإنسان ما أعد للشاكرين وما أعد للكافرين .
ولما قدم هذه الأمور الجليلة والقوارع المهولة اهتماماً بها وتنبيهاً على أنها ، لما لها من عظيم الموعظة ، جديرة بأن يتعظ بها كل سامع ، ذكر العامل في ظرفها وبدله فقال : { يتذكر الإنسان } أي على سبيل التجديد والاستمرار فيذكر كل ما كان ينفعه في الدنيا وما يضره فيعلم أن حبه للدنيا لم يفده إلا خساراً ، لا زاد بحبها شيئاً لم يكتب له ولا كان ينقصه بذلها شيئاً كما كتب له أو بذلها ، وإذا تذكر ذلك هان عليه البذل ، وليست تلك الدار دار العمل ، فلذلك قال : { وأنى } أي كيف ومن أي وجه { له الذكرى * } أي نفع التذكر العظيم فإنه في غير موضعه ، فلا ينفعه أصلاً بوجه من الوجوه لفوات دار العمل ، ولا يقع بذلك على شيء سوى الندم وتضاعف الغم والهم والآلام .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.