جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
وقوله:"ما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ" يقول: ما لقائلي هذا القول، يعني قولهم "اتّخَذَ اللّهُ وَلَدا "بِهِ: يعني بالله من علم، والهاء في قوله "بِهِ" من ذكر الله. وإنما معنى الكلام: ما لهؤلاء القائلين هذا القول بالله، إنه لا يجوز أن يكون له ولد من علم، فلجهلهم بالله وعظمته قالوا ذلك.
وقوله: "ولاَ لآبائِهِمْ" يقول: ولا لأسلافهم الذين مضوا قبلهم على مثل الذي هم عليه اليوم، كان لهم بالله وبعظمته علم.
وقوله: "كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أفْوَاهِهِمْ" اختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قرّاء المدنيين والكوفيين والبصريين: "كَبُرَتْ كَلِمَةً" بنصب كلمةً بمعنى: كبُرت كلمتهم التي قالوها كلمةً على التفسير، كما يقال: نعم رجلاً عمرو، ونعم الرجل رجلاً قام، ونعم رجلاً قام. وكان بعض نحويّي أهل البصرة يقول: نُصبت كلمةً لأنها في معنى: أكْبِر بها كلمة، كما قال جلّ ثناؤه "وَسَاءتْ مُرْتَفَقا"... فكأنه قال: كبرت تلك الكلمة. وذُكِر عن بعض المكيين أنه كان يقرأ ذلك: «كَبُرَتْ كَلِمَةٌ» رفعا، كما يقال: عَظُم قولُك وكَبُر شأنُك. وإذا قرئ ذلك كذلك لم يكن في قوله "كَبُرَتْ كَلِمَةً" مُضمر، وكان صفة للكلمة.
والصواب من القراءة في ذلك عندي، قراءة من قرأ: كَبُرَتْ كَلِمَةً نصبا لإجماع الحجة من القرّاء عليها، فتأويل الكلام: عَظُمت الكلمة كلمة تخرج من أفواه هؤلاء القوم الذين قالوا: اتخذ الله ولدا، والملائكة بنات الله...
وقوله: "إنْ يَقُولُونَ إلاّ كَذِبا" يقول عزّ ذكره: ما يقول هؤلاء القائلون "اتخذ الله ولدا" بقيلهم ذلك إلا كذبا وفرية افتروها على الله.
تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :
{وينذر الذين قالوا اتخذ الله ولدا} {ما لهم من علم} هذا يحتمل وجهين: أحدهما: أي يعلمون أنه لم يتخذ ولدا، ولكن يقولون ذلك على العلم منهم كذبا وزورا كقوله: {وتدعونني إلى النار} {تدعونني لأكفر بالله وأشرك به ما ليس لي به علم} {غافر: 41 و42) أي أشرك به ما أعلم منه أنه ليس هو بشريك له، وكقوله: {قل أتنبئون الله بما لا يعلم في السماوات} (يونس: 18) أي أتنبئون الله بما يعلم أنه ليس على ما يقولون.
والثاني: يحتمل قوله: {ما لهم به من علم} أي عن جهلهم يقولون من الولد والشريك لا عن علم، تقليدا لآبائهم، لأنهم ليسوا بأهل كتاب يعرفون به، ولا كانوا يؤمنون بالرسل وأسباب العلم وهذين الكتاب والرسل، فما قالوا إنما قالوا عن جهل لا عن علم، وكذلك آباؤهم. فإن كان على هذا ففيه دلالة أن من قال شيئا عن جهل فإنه مؤاخذ به حين قال: {وينذر الذين قالوا} الآية.
{كبرت كلمة تخرج من أفواههم} أي كبرت وعظمت تلك الكلمة التي قالوها على من عرف الله حق المعرفة حتى كادت السماوات والأرض تنشق لعظم ما قالوا في الله كقوله: {تكاد السماوات يتفطرن منه} الآية (مريم: 90).
الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :
{مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ} أي بالولد أو باتخاذه، يعني أنّ قولهم هذا لم يصدر عن علم ولكن عن جهل مفرط وتقليد للآباء، وقد اشتملته آباؤهم من الشيطان وتسويله. فإن قلت: اتخاذ الله ولداً في نفسه محال، فكيف قيل: ما لهم به من علم؟ قلت: معناه ما لهم به من علم؛ لأنه ليس مما يعلم لاستحالته، وانتفاء العلم بالشيء إمّا للجهل بالطريق الموصل إليه، وإما لأنه في نفسه محال لا يستقيم تعلق العلم به. قرىء «كبرت كلمة»، وكلمة: بالنصب على التمييز والرفع على الفاعلية، والنصب أقوى وأبلغ. وفيه معنى التعجب، كأنه قيل: ما أكبرها كلمة. و {تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ} صفة للكلمة تفيد استعظاماً لاجترائهم على النطق بها وإخراجها من أفواههم، فإن كثيراً مما يوسوسه الشيطان في قلوب الناس ويحدّثون به أنفسهم من المنكرات لا يتمالكون أن يتفوّهوا به ويطلقوا به ألسنتهم، بل يكظمون عليه تشوّرا من إظهاره، فكيف بمثل هذا المنكر؟... فإن قلت: إلام يرجع الضمير في كبرت؟ قلت: إلى قولهم {اتخذ الله وَلَدًا} وسميت كلمة كما يسمون القصيدة بها...
{ولا لآبائهم} أي ولا أحد من أسلافهم، وهذا مبالغة في كون تلك المقالة باطلة فاسدة...
{تخرج من أفواههم} يدل على أن هذا الكلام مستكره جدا عند العقل؛ كأنه يقول: هذا الذي يقولونه لا يحكم به عقلهم وفكرهم البتة لكونه في غاية الفساد والبطلان، فكأنه شيء يجري به لسانهم على سبيل التقليد، لأنهم مع أنها قولهم عقولهم وفكرهم تأباها وتنفر عنها...
{إن يقولون إلا كذبا} ومعناه ظاهر، واعلم أن الناس قد اختلفوا في حقيقة الكذب. فعندنا أنه الخبر الذي لا يطابق المخبر عنه سواء اعتقد المخبر أنه مطابق أم لا؟ ومن الناس من قال شرط كونه كذبا أن لا يطابق المخبر عنه مع علم قائله بأنه غير مطابق، وهذا القيد عندنا باطل، والدليل عليه هذه الآية، فإنه تعالى وصف قولهم بإثبات الولد لله بكونه كذبا، مع أن الكثير منهم يقول ذلك، ولا يعلم كونه باطلا، فعلمنا أن كل خبر لا يطابق المخبر عنه فهو كذب سواء علم القائل بكونه مطابقا أو لم يعلم...
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
ثم استأنف معللاً في جواب من كأنه قال: ما لهم خصوا بهذا الوعيد الشديد؟ فقال تعالى: {ما لهم به} أي القول {من علم} أصلاً لأنه مما لا يمكن أن يعلق العلم به لأنه لا وجود له ولا يمكن وجوده، ثم قرر هذا المعنى وأكد بقوله تعالى: {ولا لآبائهم} الذين هم مغتبطون بتقليدهم في الدين حتى في هذا الذي لا يتخيله عاقل، ولو أخطأوا في تصرف دنيوي لم يتبعوهم فيه، تنبيهاً عل أنه لا يحل لأحد أن يقول على الله تعالى ما لا علم له به، ولا سيما في أصول الدين، ثم هول أمر ذلك بقوله تعالى: {كبرت} أي مقالتهم هذه {كلمة} أي ما أكبرها من كلمة! وصوّر فظاعة اجترائهم على النطق بها بقوله تعالى: {تخرج من أفواههم} أي لم يكفهم خطورها في نفوسهم، وترددها في صدورهم، حتى تلفظوا بها، وكان تلفظهم بها على وجه التكرير -بما أشار إليه التعبير بالمضارع؛ ثم بين ما أفهمه الكلام من أنه كما أنهم لا علم لهم بذلك لا علم لأحد به أصلاً، لأنه لا وجود له فقال تعالى: {إن} أي ما {يقولون إلا كذباً} أي قولاً لا حقيقة له بوجه من الوجوه...
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي 1376 هـ :
{إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا}... وتأمل كيف أبطل هذا القول بالتدريج، والانتقال من شيء إلى أبطل منه، فأخبر أولا: أنه {مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلَا لِآبَائِهِمْ} والقول على الله بلا علم، لا شك في منعه وبطلانه، ثم أخبر ثانيا، أنه قول قبيح شنيع فقال: {كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ} ثم ذكر ثالثا مرتبته من القبح، وهو: الكذب المنافي للصدق...
في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :
ثم يأخذ في كشف المنهج الفاسد الذي يتخذونه للحكم على أكبر القضايا وأخطرها. قضية العقيدة:
(ما لهم به من علم ولا لآبائهم)..
فما أشنع وما أفظع أن يفضوا بهذا القول بغير علم، هكذا جزافا:
(كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا)..
وتشترك الألفاظ بنظمها في العبرة وجرسها في النطق في تفظيع هذه الكلمة التي يقولونها. فهو يبدأ بكلمة (كبرت) لتجبه السامع بالضخامة والفظاعة وتملأ الجو بهما. ويجعل الكلمة الكبيرة تمييزا لضميرها في الجملة: (كبرت كلمة) زيادة في توجيه الانتباه إليها. ويجعل هذه الكلمة تخرج من أفواههم خروجا كأنما تنطلق منها جزافا وتندفع منها اندفاعا (تخرج من أفواههم). وتشارك لفظة (أفواههم) بجرسها الخاص في تكبير هذه الكلمة وتفظيعها، فالناطق بها يفتح فاه في مقطعها الأول بما فيه من مد: (أفوا) ثم تتوالى الهاءان فيمتلئ الفم بهما قبل أن يطبق على الميم في نهاية اللفظة: (أفواههم). وبذلك يشترك نظم الجملة وجرس اللفظة في تصوير المعنى ورسم الظل. ويعقب على ذلك بالتوكيد عن طريق النفي والاستثناء: (إن يقولون إلا كذبا): ويختار للنفي كلمة: (إن) لا كلمة "ما "لأن في الأولى صرامة بالسكون الواضح، وفي لفظ "ما" شيء من الليونة بالمد.. وذلك لزيادة التشديد في الاستنكار، ولزيادة التوكيد لكذب هذه الكلمة الكبيرة..
التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :
{ما لهم به من علم ولا لآبائهم}
جملة {ما لهم به من علم} حال من {الذين قالوا}. والضمير المجرور بالباء عائد إلى القول المفهوم من {قالوا}.
و (من) لتوكيد النفي. وفائدة ذكر هذه الحال أنها أشنع في كفرهم وهي أن يقولوا كذباً ليست لهم فيه شبهة، فأطلق العلم على سبب العلم كما دل عليه قوله تعالى: {ومن يدع مع الله إلهاً آخر لا برهان له به فإنما حسابه عند ربه} [المؤمنون: 117].
وضمير {به} عائد على مصدر مأخوذ من فعل {قالوا}، أي ما لهم بذلك القول من علم.
وعطف {ولا لآبائهم} لقطع حجتهم لأنهم كانوا يقولون {إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون} [الزخرف: 23]، فإذا لم يكن لآبائهم حجة على ما يقولون فليسوا جديرين بأن يُقلدوهم.
{كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولوا إلا كذبا}
استئناف بالتشاؤم بذلك القول الشنيع.
ووجه فصل الجملة أنها مخالفة للتي قبلها بالإنشائية المخالفة للخبرية.
وفعل {كبرت} بضم الباء. أصله: الإخبار عن الشيء بضخامة جسمه، ويستعمل مجازاً في الشدة والقوة في وصف من الصفات المحمودة والمذمومة على وجه الاستعارة، وهو هنا مستعمل في التعجيب من كِبر هذه الكلمة في الشناعة بقرينة المقام. ودل على قصد التعجيب منها انتصاب {كلمة} على التمييز إذ لا يحتمل التمييز هنا معنى غير أنه تمييز نسبة التعجيب، ومن أجل هذا مثلوا بهذه الآية لورود فَعُل الأصلي والمحول لمعنى المدح والذم في معنى نِعم وبئس بحسب المقام.
والضمير في قوله: {كبرت} يرجع إلى الكلمة التي دل عليها التمييز.
وأطلقت الكلمة على الكلام وهو إطلاق شائع، ومنه قوله تعالى: {إنها كلمة هو قائلها} [المؤمنون: 100]، وقول النبي: أصدقُ كلمةٍ قالها شاعر كلمة لبيد:
ألا كل شيء ما خلا اللّهَ باطل.
وجملة {تخرج من أفواههم} صفة ل {كلمة} مقصود بها من جُرْأتِهم على النطق بها ووقاحتهم في قولها.
والتعبير بالفعل المضارع لاستحضار صورة خروجها من أفواههم تخييلاً لفظاعتها. وفيه إيماء إلى أن مثل ذلك الكلام ليس له مصدر غير الأفواه، لأنه لاستحالته تتلقاه وتنطق به أفواههم وتسمعه أسماعهم ولا تتعقله عقولهم لأن المحال لا يعتقده العقل ولكنه يتلقاه المقلد دون تأمل...
وجملة {إن يقولون إلا كذباً} مؤكدة لمضمون جملة {تخرج من أفواههم} لأن الشيء الذي تنطق به الألسن ولا تحقق له في الخارج ونفس الأمر هو الكذب، أي تخرج من أفواههم خروج الكذب، فما قولهم ذلك إلا كذب، أي ليست له صفة إلا صفة الكذب.
هذا إذا جعل القول المأخوذ من {يقولون} خصوص قولهم: {اتخذ الله ولداً} [الكهف: 4]. ولك أن تحمل {يقولون} على العموم في سياق النفي، أي لا يصدر منهم قول إلا الكذب، فيكون قصراً إضافياً، أي ما يقولونه في القرآن والإسلام، أو ما يقولونه من معتقداتهم المخالف لما جاء به الإسلام فتكون جملة إن {يقولون} تذييلاً.
زهرة التفاسير - محمد أبو زهرة 1394 هـ :
{ما لهم به من علم}، إنما هو الهوى والوهم، وهما يفسدان كل تفكير...
تفسير من و حي القرآن لحسين فضل الله 1431 هـ :
{مَّا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلاَ لآبَآئِهِمْ} لأنهم لا يملكون أيّة أدلّةٍ أو براهين على هذه العقيدة، بل ينطلقون من انطباعاتٍ ساذجةٍ، متخلّفةٍ، ناشئةٍ من الاستغراق في الجوانب البارزة للخصائص غير العادية أو غير المألوفة لهذه المخلوقات، التي يمنحونها هذه الصفة من دون التفاتٍ إلى أن الله قد يمنح بعض عباده قدرات لا يمنحها لغيرهم، لأن هناك دوراً محدّداً يفرض ذلك، أو لأن طبيعة الموقع الذي يتحرك فيه هذا المخلوق يتوقف على ذلك. فالله الذي أعطى القدرة المألوفة، هو الذي يعطي القدرة غير المألوفة، بالإضافة إلى أن الألفة لا تمنح الشيء الحالة الذاتية الطبيعية، ليكون المقابل لها حالةً خارقةً خارجةً عن الطبيعة، فلو دققنا في عمق هذه الحالة أو تلك، لرأينا سرّ الإبداع والعظمة مشتركاً بينهما، في نوعية الخصائص التي يتميز بها هذا عن ذاك، ولكن الألفة تخفف عظمة الأشياء في الوجدان. وهذا ما يفرض علينا، في المنهج التربويّ للتصور، عدم الاستغراق في الظواهر المثيرة أو إعطائها قداسةً غير حقيقيةٍ، من خلال مشاعر الانبهار التي يخضع فيها الإنسان لإحساسٍ غير طبيعيٍّ في استيحاء العظمة الخارقة من بعض الظواهر، لأن الجهل بعمق السرّ الحقيقي للحالة أو للظاهرة، لا يعني أن نقفز إلى وضع التقديس لنجعله الوجه البارز للمسألة أو العمق الطبيعي لها، من دون أساسٍ للاستغراق في دائرة التهاويل الغامضة المسيطرة على الفكر والشعور. لا بد للمنطق التقديسي من موازين دقيقة وربما كان علينا أن نعطي الأشياء حجمها الطبيعي في الدائرة الإنسانية عندما تتصل المسألة بتعظيم إنسانٍ ما، إذ لا بد من أن ندخل في عملية تقييمٍ دقيقةٍ للمنطق التقديسي من خلال الخصائص المميزة، لنعرف جيّداً هل هي متصلة بالذات في جوانب العظمة في عالم الأسرار، أو هي متصلة بالدور في مواقع الحركة للرسالة أو للرسول أو للوليّ... وبذلك نبتعد عن التضخيم الذي يقودنا إلى الغلو في الشخصية إذ نمنحها ما ليس فيها، وبالتالي إلى الانحراف في العقيدة والعمل. ولعلنا إذا درسنا الكثير من التصورات الفكرية في العقيدة للأشخاص وللأحداث، لرأينا أننا في تقويمنا لها نحمِّلها أكثر مما تتحمل، وأننا لا نملك الكثير من الأسس العلمية، أو المصادر الموثوقة لكثير من هذه التصورات والانطباعات، تماماً كهؤلاء الذين بلغ انحرافهم في الجانب الشعوري الغامض المتعلق بالأشخاص والأشياء إلى الموقع الذي جعلوهم فيه أبناءً لله من دون أساسٍ علميٍّ ثابتٍ. مصير الإنسان مرتبط بصوابية تصوراته لله تعالى:
{كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ} لأنها الكلمة التي تسيء إلى موقع الله في الوجدان، وموقعه في ذاته، وتنحرف بالإنسان عن التوازن في فهم مسألة الألوهية. وهذا ما يعطي الكلمة الخطورة السلبية، لأنها تتعلق بالعقيدة في الله الذي هو مصدر الوجود، ولا شك أن التصور الصحيح أو الخاطئ يقود المسيرة الإنسانية إلى النتائج الإيجابية أو السلبية الكبيرة على صعيد المصير في الدنيا والآخرة. لا أساس للشرك بالله تعالى:
{إِن يَقُولُونَ إِلاَّ كَذِبًا}، لأنهم لا يملكون أساساً لاعتبار هذا القول صورةً عن الحقيقة، ولكننا نملك الدليل على أنه يجانبها ويبتعد عنها، ما يجعله في موقع الكذب، لا في موقع الصدق، من خلال المعرفة بالله في استغنائه عن الولد، الأمر الذي يرمي هذه الكلمة في دائرة العبث واللاّمعنى أو يطابقها بالشيء الذي ليس له موضوعٌ أو أساسٌ.