السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{مَّا لَهُم بِهِۦ مِنۡ عِلۡمٖ وَلَا لِأٓبَآئِهِمۡۚ كَبُرَتۡ كَلِمَةٗ تَخۡرُجُ مِنۡ أَفۡوَٰهِهِمۡۚ إِن يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبٗا} (5)

تنبيه : الذين أثبتوا لله ولداً ثلاث طوائف الأولى : كفار العرب الذين قالوا الملائكة بنات الله . الثانية : النصارى الذين قالوا المسيح ابن الله . الثالثة : اليهود الذين قالوا عزير ابن الله . ثم إنه تعالى أنكر على القائلين ذلك من وجهين الأوّل : قوله تعالى : { ما لهم به } ، أي : القول . { من علم } ، أي : أصلاً لأنه مما لا يمكن أن يتعلق العلم به لأنه لا وجود له ولا يمكن وجوده ، ثم قرّر تعالى هذا المعنى وأكده بقوله : { ولا لآبائهم } الذين يغتبطون بتقليدهم في الدين حتى في هذا الذي لا يتخيله عاقل ولو أخطؤوا في تصرف دنيوي لم يتبعوهم فيه . فإن قيل : اتخاذ الله ولداً محال في نفسه فكيف قيل ما لهم به من علم ؟ أجيب : بأن انتفاء العلم بالشيء قد يكن للجهل بالطريق الموصل إليه وقد لا يكون لأنه في نفسه محال لا يمكن تعلق العلم به ، ونظيره قوله تعالى : { ومن يدع مع الله إلهاً آخر لا برهان له به } [ المؤمنين ، 117 ] . الوجه الثاني : { كبرت } ، أي : مقالتهم { كلمة } ، أي : ما أكبرها من كلمة وصور فظاظة اجترائهم على النطق بهابقوله تعالى : { تخرج من أفواههم } ، أي : لم يكفهم خطورها في أنفسهم وتردّدها في صدورهم حتى تلفظوا بها وكان صدورهم بها على وجه التكرير كما يشير إليه التعبير بالمضارع .

تنبيه : سميت هذه كلمة كما يسمون القصيدة كلمة . ثم بين تعالى ما أفهمه الكلام من أنه كما أنهم لا علم لهم بذلك لا علم لأحد به أصلاً لأنه لا وجود له فقال تعالى :{ إن } ، أي : ما { يقولون إلا كذباً } ، أي : قولاً لا حقيقة له بوجه من الوجوه .