قيل : والمعنى { ما لهم } بالله { من علم } فينزهوه عما لا يجوز عليه ، ويحتمل أن يعود على القول المفهوم من { قالوا } أي { ما لهم } .
بقولهم هذا { من علم } فالجملة في موضع الحال أي { قالوا } جاهلين من غير فكر ولا روية ولا نظر في ما يجوز ويمتنع .
وقيل : يعود على الاتخاذ المفهوم من { اتخذه } أي { ما لهم } بحكمة الاتخاذ من علم إذ لا يتخذه إلاّ من هو عاجز مقهور يحتاج إلى معين يشد به عضده .
قال الزمخشري : اتخاذ الله ولداً في نفسه محال ، فيكف { قيل ما لهم به من علم } ؟ قلت : معناه ما لهم به من علم لأنه ليس مما يعلم لاستحالته ، وانتفاء العلم بالشيء إما للجهل بالطريق الموصل إليه ، وإما لأنه في نفسه محال لا يستقيم تعلق العلم به انتهى .
{ ولا لآبائهم } معطوف على { لهم } وهم من تقدم من أسلافهم الذين ذهبوا إلى هذه المقالة السخيفة ، بل من قال ذلك إنما قاله عن جهل وتقليد .
وذكر الآباء لأن تلك المقالة قد أخذوها عنهم وتلقفوها منهم .
وقرأ الجمهور : { كلمة } بالنصب والظاهر انتصابها على التمييز ، وفاعل { كَبُرت } مضمر يعود على المقالة المفهومة من قوله { قالوا اتخذ الله ولداً } ، وفي ذلك معنى التعجب أي ما أكبرها كلمة ، والجملة بعدها صفة لها تفيد استعظام اجترائهم على النطق بها وإخراجها من أفواههم ، فإن كثيراً مما يوسوس به الشيطان في القلوب ويحدث به النفس لا يمكن أن يتفوه به بل يصرف عنه الفكر ، فكيف بمثل هذا المنكر وسميت { كلمة } كما يسمون القصيدة كلمة .
وقال ابن عطية : وهذه المقالة هي قائمة في النفس معنى واحداً فيحسن أن تسمى { كلمة } وقال أيضاً : وقرأ الجمهور بنصب الكلمة كما تقول نعم رجلاً زيد ، وفسر بالكلمة ووصفها بالخروج من أفواههم فقال بعضهم : نصبها على التفسير على حد نصب قوله تعالى { وساءت مرتفقاً } .
وقالت فرقة : نصبها على الحال أي { كبرت } فريتهم ونحو هذا انتهى .
فعلى قوله كما تقول نعم رجلاً زيد يكون المخصوص بالذم محذوفاً لأنه جعل { تخرج } صفة لكلمة ، والتقدير { كبرت كلمة } خارجة { من أفواههم } تلك المقالة التي فاهوا بها وهي مقالتهم { اتخذ الله ولداً } .
والضمير في { كبرت } ليس عائداً على ما قبله بل هو مضمر يفسره ما بعده ، وهو التمييز على مذهب البصريين ، ويجوز أن يكون المخصوص بالذم محذوفاً وتخرج صفة له أي { كبرت كلمة } كلمة { تخرج من أفواههم } .
وقال أبو عبيدة : نصب على التعجب أي أكبر بها { كلمة } أي من { كلمة } .
وقرئ { كبرت } بسكون الباء وهي في لغة تميم .
وقرأ الحسن وابن يعمر وابن محيصن والقواس عن ابن كثير بالرفع على الفاعلية والنصب أبلغ في المعنى وأقوى ، و { أن } نافية أي ما { يقولون } و { كذباً } نعت لمصدر محذوف أي قولاً { كذباً } .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.