ثم قال : { ما لهم به } أي بالولد أو باتخاذ الله إياه { من علم ولا لآبائهم } وانتفاء العلم بالشيء إما بالجهل بالطريق الموصل إليه . وإما لأنه في نفسه محال فلا يتعلق به العلم لذلك وهو المراد في الآية ، أي قولهم هذا لم يصدر عن علم ولكن عن جهل مفرط وتقليد لآبائهم الذين هم مثلهم في الجهالة . قال جار الله : الضمير في قوله : { كبرت } يعود إلى قولهم " اتخذ الله ولداً " وسميت { كلمة } كما يسمون القصيدة بها . قلت : ويجوز أن يعود إلى مضمر ذهني يفسره الظاهر كقوله " ربه رجلاً ونعمت امرأة عندي " . قال الواحدي : انتصبت { كلمة } على التمييز وذلك أنك لو قلت : كبرت المقالة أو الكلمة جاز أن يتوهم أنها كبرت كذباً أو جهلاً أو افتراءً ، فلما قلت : كلمة فقد ميزتها من محتملاتها . وقرىء بالرفع على الفاعلية كما يقال " عظم قولك " . قال أهل البيان : النصب أقوى وأبلغ لإفادته التعب من جهتين : من جهة الصيغة ومن جهة التمييز كأنه قيل : ما أكبرها كلمة . وفي وصف الكلمة بقوله : { يخرج من أفواههم } مبالغة أخرى من وجهين : الأول أن كثيراً من وساوس الشيطان وهواجس القلوب لا يتمالك العقلاء أن يتفوهوا به حياء وخجلاً ، فبين الله تعالى أن هذا المنكر لم يستحيوا من إظهاره والنطق به فما أشنع فعلتهم وما أعظم فحشهم . الثاني أن هذا الذي يقولونه لا يحكم به عقلهم وفكرهم ألبتة لكونه في غاية البطلان ، وكأنه شيء يجري على لسانهم بطريق التقليد : احتج النظام على مذهبه أن الكلام جسم بأن الخروج عبارة عن الحركة من خواص الأجسام . والجواب أن الخارج من الفم هو الهواء لأن الحروف والأصوات كيفيات قائمة بالهواء فأسند إلى الحال ما هو من شأن المحل مجازاً . ثم زاد في تقبيح صورتهم بقوله : { إن يقولون إلا كذباً } وفيه إبطال قول من زعم أن الكذب هو الخبر الذي يطابق المخبر عنه مع علم قائله بأنه غير مطابق وذلك لأن القيد الأخير غير موجود ههنا مع أنه تعالى سماه كذباً .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.