الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع  
{يَوۡمَ تَرۡجُفُ ٱلرَّاجِفَةُ} (6)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

وهي النفخة الأولى، وإنما سميت الراجفة لأنها تميت الخلق كلهم، كقوله: {فأخذتهم الرجفة} [الأعراف:78] يعني الموت...

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

قوله:"يَوْمَ تَرْجُفُ الرّاجِفَةُ "يقول تعالى ذكره: يَوْمَ تَرْجُفُ الأرْضُ وَالجِبَالُ للنفخة الأولى.

"تَتْبَعُها الرّادِفَةُ" تتبعها أخرى بعدها، وهي النفخة الثانية التي رَدِفَتِ الأولى، لبعث يوم القيامة... عن الحسن، قوله: "يَوْمَ تَرْجُفُ الرّاجِفَةُ تَتْبَعُها الرّادِفَةُ" قال: هما النفختان: أما الأولى فتَميت الأحياء، وأما الثانية فتُحيي الموتى ثم تلا الحسن: "ونُفِخَ فِي الصّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الأرْضِ إلاّ مَنْ شاءَ اللّهُ ثُمّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فإذَا هُمْ قِيامٌ يَنْظُرُونَ"...

وقال آخرون... عن مجاهد، في قول الله: "يَوْمَ تَرْجُفُ الرّاجِفَةُ" قال: ترجف الأرض والجبال، وهي الزلزلة.

وقوله: "الرّادِفَةُ" قال: هو قوله: "إذَا السّماءُ انْشَقّتْ" "فدُكتا دَكةً واحدة".

وقال آخرون: ترجف الأرض، والرادفة: الساعة...

واختلف أهل العربية في موضع جواب قوله: "والنّازِعات غَرْقا" فقال بعضُ نحويّي البصرة: قوله "والنّازِعاتِ غَرْقا": قسم والله أعلم على "إنّ في ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِمَن يَخْشَى" وإن شئت جعلتها على "يَوْم تَرْجُفُ الرّاجِفَةُ قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ" وهو كما قال الله وشاء أن يكون في كل هذا، وفي كلّ الأمور.

وقال بعض نحويّي الكُوفة: جواب القسم في النازعات: ما تُرِك، لمعرفة السامعين بالمعنى، كأنه لو ظهر كان لَتُبْعَثُنّ ولتحاسبنّ قال: ويدل على ذلك "أئِذَا كُنّا عِظاما نَخِرَةً" ألا ترى أنه كالجواب لقوله: لَتُبْعَثُنّ إذ قال: أئِذَا كُنّا عِظاما نَخِرَةً...

والصواب من القول في ذلك عندنا: أن جواب القسم في هذا الموضع، مما استغني عنه بدلالة الكلام، فتُرك ذكره.

التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :

ثم بين أي وقت يكون الجزاء والثواب والعقاب، فقال (يوم ترجف الراجفة) فالرجف: حركة الشيء من تحت غيره بترديد واضطراب، وهي الزلزلة العظيمة...

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

و {الراجفة} الواقعة التي ترجف عندها الأرض والجبال، وهي النفخة الأولى: وصفت بما يحدث بحدوثها...

زاد المسير في علم التفسير لابن الجوزي 597 هـ :

و {الراجفة} صيحة عظيمة فيها تردد واضطراب كالرعد إذا تمحض...

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

وجملة {يوم ترجف الراجفة} إلى {خاشعة} جوابُ القسم وصريحُ الكلام موعظة. والمقصود منه لازمه وهو وقوع البعث لأن القلوب لا تكون إلا في أجسام. وقد علم أن المراد ب {يوم ترجف الراجفة} هو يوم القيامة لأنه قد عُرِّف بمثل هذه الأحوال في آيات كثيرة مما سبق نزوله مثل قوله: {إذا رجت الأرض} فكان في هذا الجواب تهويل ليوم البعث وفي طيه تحقيق وقوعه فحصل إيجاز في الكلام جامع بين الإِنذار بوقوعه والتحذير مما يجري فيه. و {يوم ترجف الراجفة} ظرف متعلق ب {واجفة} فآل إلى أن المقسم عليه المراد تحقيقه هو وقوع البعث بأسلوب أوقع في نفوس السامعين المنكرين من أسلوب التصريح بجواب القسم، إذ دل على المقسم عليه بعض أحواله التي هي من أهواله فكان في جواب القسم إنذار. ولم تقرن جملة الجواب بلام جواب القسم لبعد ما بين الجواب وبين القسم بطول جملة القسم...

وجعل صاحب « الكشاف» تبعاً للفراء وغيره جواب القسم محذوفاً تقديره: لتُبعثُنَّ. وقُدم الظرف على متعلقة لأن ذلك الظرف هو الأهمّ في جواب القَسَم لأنه المقصود إثبات وقوعه، فتقديم الظرف للاهتمام به والعناية به فإنه لما أكد الكلام بالقسم شمل التأكيدُ متعلقات الخبر التي منها ذلك الظرف، والتأكيد اهتمام، ثم أكد ذلك الظرف في الأثناء بقوله: {يومئذ} الذي هو يوم ترجف الراجفة فحصلت عناية عظيمة بهذا الخبر. والرجف: الاضطراب والاهتزاز وفعله من باب نصَر. وظاهر كلام أهل اللغة أنه فعل قاصر ولم أر من قال: إنه يستعمل متعدياً، فلذلك يجوز أن يكون إسناد {ترجف} إلى {الراجفة} حقيقياً، فالمراد ب {الراجفة}: الأرض لأنها تضطّرب وتهتزّ بالزلازل التي تحصل عند فناء العالم الدنيوي والمصير إلى العالم الأخروي...