الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{يَوۡمَ تَرۡجُفُ ٱلرَّاجِفَةُ} (6)

- ثم قال تعالى جل ذكره : ( يوم ترجف الراجفة . تتبعها الرادفة )

أي : لتبعثن يوم ترجف الأرض والجبال للنفخة الأولى ، تتبعها أخرى بعدها ، وهي النفخة الثانية [ ردفت ] {[73420]} الأولى ، فقيل لها رادفة {[73421]} ، بينهما أربعون سنة ، [ بالأولى يهلك من في الأرض ] {[73422]} وبالثانية يبعث من في الأرض {[73423]} .

قال ابن عباس : هما النفختان الأولى والثانية {[73424]} .

قال {[73425]} الحسن : هما النفختان ، أما الأولى فتميت {[73426]} الأحياء ، ( وأما ) {[73427]} الثانية فتحيي الموتى . وتلا الحسن : ( ونفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الارض إلا من {[73428]} شاء الله ، ثم نفخ فيه أخرى فإذا هو قيام ينظرون ) {[73429]} .

وروي أن أبا هريرة سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الصور ، فقال : هو قرن ، قال : وكيف هو ؟ قال : قرن ينفخ فيه ثلاث نفخات ، الأولى نفخة الفزع ، والثانية نفخة الصعق ، والثالثة نفخة القيام [ لربِّ ] {[73430]} العالمين ، يأمر الله إسرافيل بالنفخة الأولى ، فيقول : انفخ نفخة الفزع ، فيفزع من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله . [ ويأمره ] {[73431]} الله -جل ذكره- فيديمها ويطولها فلا [ تفتر ] {[73432]} ، وهي التي يقول الله : ( ومن ينظر هؤلاء إلا صيحة واحدة ما لها من فواق ) {[73433]} ، فيسيِّر الله –جل وعز- الجبال ، فتكون سرابا {[73434]} ، فترتجّ الأرض بأهلها رجا {[73435]} ، وهي التي يقول الله عز وجل : ( يوم ترجف الراجفة ، تتبعها الرادفة ) {[73436]} .

قال قتادة : ( يوم ترجف الراجفة ، تتبعها الرادفة ) : هم الصيحتان ، أما الأولى فتميت كل شيء بإذن الله ، وأما الأخرى فتحيي كل شيء بإذن الله ، إن {[73437]} رسول الله صلى الله وعليه وسلم كان يقول : بينهما أربعون [ عاما ] {[73438]} قاله أصحابه : والله ما زادنا على ذلك . قال قتادة : وذكر لنا أن نبي الله عليه وسلم [ كان ] {[73439]} يقول : يبعث الله في تلك الأربعين مطرا يقال له الحياة حتى تطيب الأرض وتهتز وتنبت أجساد الناس نبات البقل ، ثم ينفخ الثانية فإذا هم قيام ينظرون {[73440]}

قال الضحاك : الراجفة : النفخة الأولى ، والرادفة : الثانية {[73441]} .

وقال مجاهد : ( الراجفة ) [ ترجف الأرض بمن فيها ، و ] {[73442]} هو {[73443]} رجفُ الأرض والجبال ، وهي الزلزلة والرادفة {[73444]} وهو قوله : ( وحملت الأرض والجبال فدكّتا دكّة واحدة ) {[73445]} .

وقال ابن زيد : ( الراجفة ) ترجف الأرض بمن فيها ، والرادفة : قيام الساعة {[73446]} .


[73420]:- م: ودفة.
[73421]:- أ: ردفت.
[73422]:- م: فالأولى يهلكون في الأرض. أ: فالأولى يهلك الله بها من في الأرض.
[73423]:- انظر: جامع البيان 30/31 وتفسير ابن كثير 4/498 والدر 8/406 وحكاه أيضا عن أبي صالح.
[73424]:- انظر: المصدر السابق.
[73425]:- أ: وقال.
[73426]:- ث: فتمت.
[73427]:- ساقط من أ.
[73428]:- ث: ما.
[73429]:- الزمر: 68. وانظر: قول الحسن في جامع البيان 30/31 والدر 8/406..
[73430]:- م: للرب.
[73431]:- م، ث: ويأمر.
[73432]:- م: تفطر أ: يفتر.
[73433]:- ص: 15.
[73434]:- كما قال تعالى: (وسيرت الجبال فكانت سرابا) [النبأ 20] وانظر : تفسير هذه الآية في ص 171 من هذا التفسير.
[73435]:- في المفردات للراغب: 192 (رج): "الرج تحريك الشيء وإزعاجه، يقال: رجه فارتج، قال تعالى: (إذا رجّت الأرض رجا) [الواقعة:4]
[73436]:- الحديث عن أبي هريرة أخرجه الطبري في جامع البيان 30/31-32 ونقله القرطبي في التذكرة: 236-237 عن علي بن معبد فيما يرويه عن أبي هريرة. بلفظ أطول، قال القرطبي: "هذا الحديث ذكره الطبري والثعلبي وصححه ابن العربي في "سراج المريدين"، وما ذكره ابن العربي فيه نظر، وقد قال أبو محمد عبد الحق في كتاب "العاقبة" له: "ورد في هذا الباب حديث منقطع لا يصح، ذكره الطبري من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم". قال القرطبي، "والصحيح في النفخ إنما هو مرتان لا ثلاث" ا. ﻫ. بتصرف. وانظر: أيضا ص: 226 منه، وفتح الباري 11/368-369.
[73437]:- أ: وروي أن (وكتب الناسخ: "وروي" في الهامش).
[73438]:- ساقط من م. ونقل القرطبي في التذكرة: 226 عن الحليمي قال: "اتفقت الروايات على أن بين النفختين أربعين سنة"
[73439]:- المصدر السابق.
[73440]:- هذا الحديث عن قتادة مرسل أخرجه الطبري في جامع البيان 30/31 وانظر: التذكرة للقرطبي 218 وما بعدها.
[73441]:- انظر: جامع البيان 30/32.
[73442]:- ساقط من م، ث.
[73443]:- ث: هي.
[73444]:- أ، ث: والرادفة هي.
[73445]:- الحاقة: 14، وانظر قول مجاهد في المصدر السابق 30/32 وتفسيره:702.
[73446]:- انظر: جامع البيان 30/32.