الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع  
{وَمَا صَاحِبُكُم بِمَجۡنُونٖ} (22)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

يعني النبي صلى الله عليه وسلم، وذلك أن كفار مكة قالوا: إن محمدا مجنون، وإنما تقَوّله من تلقاء نفسه.

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

وما صاحبكم أيها الناس –محمد- بمجنون، فيتكلم عن جِنّة، ويهذي هذيان المجانين، بل جاء بالحقّ، وصدّق المرسلين...

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

فمنهم من يقول: إن الكفرة نسبوه إلى الجنون حين رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم جبرائيل على صورته، فغشي عليه، وكان يتغير في كل مرة يأتي بها جبرائيل عليه الصلاة والسلام، بالوحي لون وجهه، فينسبونه إلى الجنون لهذا. ومنهم من يقول: إنما نسبوه إلى الجنون لأنه أظهر المخالفة لأهل الأرض، وكان في الأرض الجبابرة والفراعنة الذين من عادتهم القتل والتعذيب لمن أظهر الخلاف لهم، فكان ذلك منه مخاطرة بنفسه وروحه حين انتصب لمعاداة من لا طاقة له بهم، ومن قام بخلاف من لا طاقة به] وانتصب لمعاداته، فذلك منه حمق وجنون في الشاهد، نسبوه إلى الجنون لهذا. ومنهم من ذكر أنهم لم ينسبوه إلى الجنون لما ذكرنا، ولكن شدة سفههم هي التي حملتهم على هذا، فنسبوه إلى الجنون مرة وإلى أنه ساحر أخرى، ومرة قالوا: {إنما يعلمه بشر} [النحل: 103] ومرة قالوا: {إن هذا إلا اختلاق} [ص: 7] فكانوا ينسبونه إلى كل ما ذكرنا لا عن بحث منهم في حاله ولكن على السفه والعناد. ألا ترى أنهم ينسبونه إلى الجنون مرة وإلى السحر ثانيا، وهما أمران متناقضان، لأن الساحر، هو الذي بلغ في العلم غايته، والجنون، هو النهاية في الجهل؟ ولو كانوا يقولونه عن بحث وتدبر لكانوا لا يأتون بالمختلف من القول، فيظهر جهلهم لمن يريدون صده عن إتباع النبي صلى الله عليه وسلم...

التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :

ثم خاطب تعالى جماعة الكفار فقال (وما صاحبكم بمجنون) أي ليس صاحبكم الذي يدعوكم إلى الله وإخلاص عبادته بمؤف العقل على ما ترمونه به من الجنون. والمجنون المغطى على عقله حتى لا يدرك الأمور على ما هي به...

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :

وأجمع المفسرون على أن قوله: {وما صاحبكم} يراد به محمد صلى الله عليه وسلم...

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

{وما صاحبكم} أي الذي طالت صحبته لكم وأنتم تعلمون أنه في غاية الكمال حتى أنه ليس له وصف عندكم إلا الأمين، وأعرق في النفي فقال: {بمجنون} أي كما تبهتونه به من غير استحياء من الكذب الظاهر مع ظهور التناقض فعل ألأم اللئام، بل جاء بالحق وصدق المرسلين، فما القرآن الذي يتلوه عليكم قول مجنون ولا قول- متوسط في العقل بل قول أعقل العقلاء وأكمل الكملاء، وهذا النفي المؤكد ثابت له دائماً على سبيل الاستغراق لكل زمان -هذا ما دل عليه الكلام...

تفسير القرآن للمراغي 1371 هـ :

وفي التعبير ب {صاحبكم} استدلال عليهم، وإقامة للحجة على كذبهم في دعواهم، فإنه إذا كان صاحبهم، وكانوا قد خالطوه وعاشروه، وعرفوا عنه ما لم يعرفه سواهم من استقامة، وصدق لهجة، وكمال عقل، ووفور حلم، وتفوق على جميع الأنداد والأتراب في صفات الخير- لم يكن ادعاؤهم عليه ما يناقض ذلك إلا باطلا من القول وزورا...

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

فهذه صفة الرسول الذي حمل القول وأداه، فأما الرسول الذي حمله إليكم فهو (صاحبكم) ....

... الذي لا تجهلون. وهو الأمين على الغيب الذي يحدثكم عنه عن يقين... ولقد قالوا عن النبي الكريم الذي يعرفونه حق المعرفة، ويعرفون رجاحة عقله، وصدقه وأمانته وتثبته، قالوا عنه: إنه مجنون...

قال بعضهم هذا كيدا له ولدعوته كما وردت بذلك الأخبار. وقاله بعضهم عجبا ودهشة من هذا القول الذي لا يقوله البشر فيما يألفون ويعهدون. وتمشيا مع ظنهم أن لكل شاعر شيطانا يأتيه بالقول الفريد. وأن لكل كاهن شيطانا يأتيه بالغيب البعيد. وأن الشيطان يمس بعض الناس فينطق على لسانهم بالقول الغريب! وتركوا التعليل الوحيد الصادق، وهو أنه وحي وتنزيل من رب العالمين...

.

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

عطف على جملة: {إنه لقول رسول كريم} فهو داخل في خبر القَسَم جواباً ثانياً عن القَسَم، والمعنى: وما هو (أي القرآن) بقول مجنون كما تزعمون...

والمعنى: نفي أن يكون القرآن من وساوس المجانين، فسلامة مُبَلِّغِه من الجنون تقتضي سلامة قوله عن أن يكون وَسْوَسَة. ويجري على ما تقدم من القول بأن المراد ب {رسول كريم} النبي محمد صلى الله عليه وسلم أن يكون قوله: {صاحبكم} هنا إظهاراً في مقام الإِضمار للتعريض بأنه معروف عندهم بصحة العقل وأصالة الرأي. والصاحب حقيقته: ذو الصحبة، وهي الملازمة في أحوال التجمع والانفراد للمؤانسة والموافقة...

والمعنى: أن الذي تخاصمونه وتكذبونه وتصفونه بالجنون ليس بمجنون وأنكم مخالطوه وملازموه وتعلمون حقيقته فما قولكم عليه: « إنه مجنون» إلا لقصد البهتان وإساءة السمعة. فهذا موقع هذه الجملة مع ما قبلها وما بعدها، والقصد من ذلك إثبات صدق محمد صلى الله عليه وسلم...