اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَمَا صَاحِبُكُم بِمَجۡنُونٖ} (22)

{ وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ } حتى يتَّهم في قوله ، وهو من جواب القسم والضمير في قوله : «إنَّهُ » يعود إلى القرآن الذي نزل به جبريل - عليه السلام - على محمد صلى الله عليه وسلم .

وقيل : يعود إلى الذي أخبركم به محمد صلى الله عليه وسلم من أنّ أمر الساعة في هذه السورة ليس بكهانة ، ولا ظنَّ ، ولا افتعال ، إنما هو قول جبريل أتاه به وحياً من الله تعالى .

فصل فيمن استدل بالآية على تفضيل جبريل على سيدنا محمد

قال ابنُ الخطيب{[59501]} : احتج بهذه الآية من فضل جبريل - عليه الصلاة والسلام - على محمد صلى الله عليه وسلم فقال : إذا وازنت بين قوله سبحانه : { إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ ذِي قُوَّةٍ عِندَ ذِي العرش مَكِينٍ مُّطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ } ، وبين قوله تعالى : { وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ } ظهر التفاوت العظيم .

قوله : «عند ذي » : يجوز أن يكون نعتاً ل «رسولٍ » ، وأن يكون حالاً من «مكينٍ » ، وأصله الوصف ، فلما قدم نصب حالاً .

قوله : { ثَمَّ أَمِينٍ } . العامة : على فتح الثَّاء ؛ لأنه ظرف مكان للبعد ، والعامل فيه «مطاعٍ » .

وأبو البرهسم{[59502]} ، وأبو جعفر وأبو حيوة : بضمها ، جعلوها عاطفة ، والتراخي هنا في الرتبة ؛ لأن الثانية أعظم من الأولى .


[59501]:الفخر الرازي 31/68.
[59502]:ينظر: المحرر الوجيز 5/444، والبحر المحيط 8/426، والدر المصون 6/487.