فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَمَا صَاحِبُكُم بِمَجۡنُونٖ} (22)

{ وما صاحبكم بمجنون } الخطاب لأهل مكة والمراد بصاحبكم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، والمعنى وما محمد يا أهل مكة بمجنون ، وذكره بوصف الصحبة للإشعار بأنهم عالمون بأمره ، وأنه ليس مما يرمونه به من الجنون وغيره في شيء ، وأنهم افتروا عليه ذلك عن علم منهم بأنه أعقل الناس وأكملهم .

وهذه الجملة داخلة في جواب القسم فأقسم سبحانه بأن القرآن نزل به جبريل وأن محمد صلى الله عليه وآله وسلم ليس كما يقولون من أنه مجنون ، وأنه يأتي بالقرآن من جهة نفسه .

والمقصود{[1693]} رد قولهم { إنما يعلمه بشر } { افترى على الله كذبا أم به جنة } لا تعداد فضلهما والموازنة بينهما .

ثم إنك إذا أمعنت النظر وقفت على أن إجراء تلك الصفات على جبريل في هذا المقام إدماج لتعظيم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وأنه بلغ من مكانة وعلو المنزلة عند ذي العرش بأن جعل السفير بينه وبينه مثل هذا الملك المقرب المطاع الأمين ، فالقول في هذه الصفات بالنسبة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم رفعة منزلة له كالقول في قوله ذي العرش بالنسبة إلى رفعة منزلة جبريل عليه السلام ، كذا ذكره الكرخي .


[1693]:جواب سؤال تقريره أن بعضهم استدل بالآية على فضل جبري على محمد صلى الله عليه وآله وسلم حيث عد فضائل جبريل واقتصر على نفي الجنون عن النبي صلى الله عليه وسلم فأجاب المؤلف العلامة عن هذا بقوله والمقصود رد قولهم إلخ أ هـ السيد ذو الفقار.