{ فأخذه الله نكال الآخرة والأولى } قال الحسن وقتادة : عاقبه الله فجعله نكال الآخرة والأولى ، أي في الدنيا بالغرق وفي الآخرة بالنار . وقال مجاهد وجماعة من المفسرين : أراد بالآخرة والأولى كلمتي فرعون قوله : { ما علمت لكم من إله غيري }( القصص- 38 ) ، وقوله : { أنا ربكم الأعلى } وكان بينهما أربعون سنة .
{ نكال } منصور على المصدر ، قال قوم { الآخرة } قوله : { ما علمت لكم من إله غيري } [ القصص : 38 ] ، و { الأولى } قوله : { أنا ربكم الأعلى } [ النازعات : 24 ] ، وروي أنه مكث بعد قوله : { أنا ربكم الأعلى } [ النازعات : 24 ] أربعين سنة ، وقيل هذه المدة بين الكلمتين ، وقال ابن عباس : { الأولى } قوله : { ما علمت لكم من إله غيري } [ القصص : 38 ] ، و { الآخرة } قوله : { أنا ربكم الأعلى } [ النازعات : 24 ] وقال ابن زيد : { الأولى } الدنيا ، و { الآخرة } : الدار الآخرة ، أي أخذه الله بعذاب جهنم وبالغرق في الدنيا ، وقال مجاهد : عبارة عن أول معاصيه وكفره وآخرها أي نكل بالجميع ، و { نكال } نصب على المصدر ، والعامل فيه على رأي سيبويه «أخذ » لأنه في معناه ، وعلى رأي أبي العباس المبرد فعل مضمر من لفظ { نكال } .
جملة { فأخذه الله نكال الآخرة والأولى } مفرعة عن الجُمل التي قبلها ، أي كان ما ذكر من تكذيبه وعصيانه وكيده سبباً لأن أخذه الله ، وهذا هو المقصود من سَوق القصة وهو مناط موعظة المشركين وإنذارهم ، مع تسلية النبي صلى الله عليه وسلم وتثبيته .
وحقيقة الأخذ : التناول باليد ، ويستعار كثيراً للمقدرة والغلبة كما قال تعالى : { فأخذناهم أخذ عزيز مقتدر } [ القمر : 42 ] وقال : { فأخذهم أخذةً رابية } [ الحاقة : 10 ] . والمعنى : فلم يُفلت من عقاب الله .
والنكال : اسم مصدر نكَّل به تنكيلاً وهو مِثل : السَّلام ، بمعنى التسليم .
ومعنى النكال : إيقاع أذى شديد على الغير من التشهير بذلك بحيث يُنَكِّل ، أي يَرُد ويَصْرِف من يشاهده عن أن يأتي بمثل ما عومل به المنكَّل به ، فهو مشتق من النكول وهو النكوص والهروب ، قال تعالى : { فجعلناها نكالاً لما بين يديها وما خلفها } في سورة البقرة ( 66 ) .
وانتصب { نكال } على المفعولية المطلقة لفعل « أخذه » مبين لنوع الأخذ بنوعين منه لأن الأخذ يقع بأحوال كثيرة .
وإضافة { نكال } إلى { الآخرة والأولى } على معنى ( في ) .
فالنكال في الأولى هو الغرق ، والنكال في الآخرة هو عذاب جهنم .
وقد استُعمل النكال في حقيقته ومجازه لأن ما حصل لفرعون في الدنيا هو نكال حقيقي وما يصيبه في الآخرة أطلق عليه النكال لأنه يشبه النكال في شدة التعذيب ولا يحصل به نكالٌ يوم القيامة .
وورود فعل « أخذه » بصيغة المضي مع أن عذاب الآخرة مستقبل ليوم الجزاء مُراعىً فيه أنه لما مات ابتدأ يذوق العذاب حين يرى منزلته التي سيؤول إليها يوم الجزاء كما ورد في الحديث .
وتقديم { الآخرة } على { الأولى } في الذكر لأنّ أمر الآخرة أعظم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.