فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{فَأَخَذَهُ ٱللَّهُ نَكَالَ ٱلۡأٓخِرَةِ وَٱلۡأُولَىٰٓ} (25)

{ فأخذه الله نكال الآخرة والأولى } النكال نعت مصدر محذوف أي أخذه نكال أو هو مصدر لفعل محذوف أي أخذه الله فنكله نكال الآخرة والأولى ، أو مصدر مؤكد لمضمون الجملة ، ويجوز أن يكون انتصاب نكال على أنه مفعول له أي أخذه الله لأجل نكال ، ويجوز أن ينتصب بنزع الخافض أي بنكال ، ورجح الزجاج أنه مصدر مؤكد ، قال لأن معنى أخذه الله نكل الله به فأخرج من معناه لا من لفظه .

وقال الفراء أي أخذه الله أخذا نكالا أي نكالا ، والنكال اسم لما جعل نكالا للغير أي عقوبة له ، يقال نكل فلان بفلان إذا عاقبه وأصل الكلمة من الامتناع ، ومنه النكول عن اليمين ، والنكل القيد ، والمراد بنكال الآخرة عذاب النار ، ونكال الأولى عذاب الدنيا بالغرق ، وقال مجاهد عذاب أول عمره وآخره ، وقال قتادة : الآخرة قوله { أنا ربكم الأعلى } والأولى تكذيبه لموسى ، وقيل الآخرة قوله { أنا ربكم الأعلى } والأول قوله { ما علمت لكم من إله غيري } قاله ابن عباس وكان بين الكلمتين أربعون سنة ، قاله ابن عمرو{[1681]} .


[1681]:قال ابن كثير: {فأخذه الله نكال الآخرة والأولى} أي: انتقم الله منه انتقاما جعله به عبرة ونكالا لأمثاله من المتمردين في الدنيا{ويوم القيامة بئس الوفد المرفود} كما قال تعالى: {وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار ويوم القيامة لا ينصرون} قال: وهذا الصحيح في معنى الآية أن المراد بقوله: {نكال الآخرة والأولى} أي الدنيا والآخرة.