قوله تعالى : { فَأَخَذَهُ الله نَكَالَ الآخرة والأولى } يجوز أن يكون مصدر الأخذِ ، والتجوز إما في الفعل ، أي : نكل بالأخذِ نكال الآخرة ، وإما في المصدر ، أي : أخذه أخذ نكالٍ ، ويجوز أن يكون مفعولاً له ، أي : لأجلِ نكالهِ ، ويضعف جعله حالاً لتعريفه ، وتأويله كتأويل جهدك وطاقتك ، غير مقيس .
ويجوز أن يكون مصدراً مؤكِّداً لمضمون الجملة المتقدِّمة ، أي : نكل الله [ به ] نكال الآخرة . قاله الزَّمخشريُّ{[59290]} ، وجعله كوعد الله ، وصبغة الله .
وقال القرطبيُّ{[59291]} : وقيل : نُصِبَ بنَزْعِ حرف الصِّفة ، أي : فأخذه الله بنكال الآخرة ، فلمَّا نُزعَ الخافضُ نُصِبَ .
والنكال : اسم لما جعل نكالاً للغير ، أي : عقوبة له حتى يعتبر ، يقال : نَكَل فلانٌ بفلانِ ، إذا ألحقهُ عُقوبة ، والكلمة من الامتناع ، ومنه النُّكُول عن اليمين ، والنكل : القيد وقد مضى في سورة «المزمل » ، والنكال : بمنزلة التنكيل ، كالسلام بمعنى التسليم .
والآخرة والأولى : إمَّا الدَّاران وإمَّا الكلمتان والآخرة قوله : «أنَا ربُّكمُ الأعْلَى » ، والأولى : { مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِّنْ إله غَيْرِي } [ القصص : 38 ] كما تقدم فحذف الموصول للعلم به .
قيل : الآخرة والأولى : هما الكلمتان كما تقدَّم .
وقال الحسنُ وقتادةُ : «نكال الآخرة والأولى » : هو أن أغرقهُ في الدَّنيَا وعذّبه في الآخرة{[59292]} .
وروي عن قتادة - أيضاً - : الآخرةُ قوله : { أنَا ربُّكمُ الأعْلَى } ، والأولى تكذيبه بموسى عليه الصلاة والسلام{[59293]} .
قال القفال{[59294]} : وهذا كأنَّه هو الأظهرُ ؛ لأنَّه - تعالى - قال : { فَأَرَاهُ الآية الكبرى فَكَذَّبَ وعصى ثُمَّ أَدْبَرَ يسعى فَحَشَرَ فنادى فَقَالَ أَنَاْ رَبُّكُمُ الأعلى } فذكر القصتين ، ثم قال : { فَأَخَذَهُ الله نَكَالَ الآخرة والأولى } .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.