نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{فَأَخَذَهُ ٱللَّهُ نَكَالَ ٱلۡأٓخِرَةِ وَٱلۡأُولَىٰٓ} (25)

ولما أخبر سبحانه عنه بهذه الكلمة الشنعاء القادحة في الملك ، وكان الملوك لا يحتملون ذلك بوجه ، سبب عنها وعقب قوله : { فأخذه الله } أي الملك الذي لا كفوء له ولا أمر لأحد معه أخذ قهر وذل منكلاً به مخذلاً له{[71461]} : { نكال الآخرة } فهو مصدر من المعنى ، أي أخذ تنكيل{[71462]} فيها يكون مثلاً يتقيد به ويتعظ كل من سمعه عن مثل حال فرعون ، وقدمها اهتماماً بشأنها{[71463]} وإشارة إلى أن-{[71464]} عظمة عذابها أعظم ولا يذوقه الإنسان إلا بكشف غطاء الدنيا بالموت ، وتنبيهاً على أن المنع من مثل هذه الدعوى للصدق بها أمكن ، وليس ذلك للفاصلة لأنه لو قيل : " الأخرى " لوافقت { والأولى * } أي ونكال{[71465]} الدنيا الذي هو قبل الآخرة{[71466]} فإن من سمع قصة غرقه ومجموع ما اتفق له كان له-{[71467]} ذلك نكالاً مانعاً من عمل مثله أو أقل منه ، قال الضحاك{[71468]} : أما في الدنيا فأغرقه الله تعالى وألقاه{[71469]} بنجوة من الأرض ، وأما في العقبى فيدخله الله تعالى النار و-{[71470]} يجعله ظاهراً على تل منها مغلولاً مقيداً ينادي عليه هذا الذي ادعى الربوبية دون الله انتهى . وأنا لا أشك أن الحلاج وابن عربي وابن الفارض ، وأتباعهم-{[71471]} يكونون في النار تحتهم وتحت آله يشربون عصارتهم ، فإنهم{[71472]} ادعوا{[71473]} أنه ناج وصدقوه فيما ادعاه{[71474]} وادعوا لأنفسهم وغيرهم مثل-{[71475]} ما ادعاه تكذيباً للقرآن وإغراقاً في العدوان ، وزادوا عليه بابتذال الاسم الأعظم الذي حماه الله من أن يدعيه أحد{[71476]} قبل إرسال النبي صلى الله عليه وسلم فادعوا{[71477]} أنه يطلق عليهم وعلى كل أحد بل كل{[71478]} شيء ، وأمارة هذه الطائفة الخبيثة التي لا تتخلف أن تقول لأحدهم{[71479]} : العن فرعون الذي أجمع على لعنه{[71480]} جميع الطوائف .

وهو مثل عندهم في الشرارة{[71481]} والخبث فلا يلعنه ، وإن لعنه فبعد توقف .


[71461]:في ظ و م: الموفق.
[71462]:سقط ما بين الرقمين من ظ و م.
[71463]:سقط ما بين الرقمين من ظ و م.
[71464]:من ظ و م، وفي الأصل: نكل.
[71465]:في م: بها.
[71466]:زيد من م.
[71467]:من ظ و م، وفي الأصل: بنكال.
[71468]:من ظ و م، وفي الأصل: الأخرى.
[71469]:راجع المعالم 7/.
[71470]:زيد من ظ و م.
[71471]:زيد من ظ.
[71472]:من ظ و م، وفي الأصل: كأنهم.
[71473]:زيد في الأصل أنهم، ولم تكن الزيادة في ظ و م فحذفناها.
[71474]:من ظ و م، وفي الأصل: ادعى.
[71475]:زيد من ظ و م.
[71476]:من ظ و م، في الأصل: لأحد.
[71477]:من ظ و م، وفي الأصل: فادعى.
[71478]:زيد في الأصل: على، ولم تكن الزيادة في ظ و م فحذفناها.
[71479]:من م، وفي الأصل و ظ: لأحد.
[71480]:العبارة من هنا إلى "والخبث" ساقطة من ظ.
[71481]:من م، وفي الأصل: الشهادة.