قوله تعالى : { وآخرون مرجون لأمر الله إما يعذبهم وإما يتوب عليهم والله عليم حكيم } . قرأ أهل المدينة والكوفة غير أبي بكر : { مرجون } بغير همز ، والآخرون : بالهمز ، والإرجاء : التأخير ، مرجون : مؤخرون . لأمر الله : لحكم الله عز وجل فيهم ، وهم الثلاثة الذين تأتي قصتهم من بعد : كعب بن مالك ، وهلال بن أمية ، ومرارة بن الربيع ، لم يبالغوا في التوبة والاعتذار كما فعل أبو لبابة ، فوقفهم رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسين ليلة ونهى الناس عن مكالمتهم ومخالطتهم ، حتى شقهم القلق وضاقت عليهم الأرض بما رحبت ، وكانوا من أهل بدر فجعل أناس يقولون : هلكوا ، وآخرون يقولون : عسى الله أن يغفر لهم ، فصاروا مرجئين لأمر الله ا يدرون أيعذبهم أم يرحمهم ، حتى نزلت توبتهم بعد خمسين ليلة .
{ وآخرون } من المتخلفين . { مُرجون } مؤخرون أي موقوف أمرهم من أرجأته إذا أخرته . وقرأ نافع وحمزة والكسائي وحفص { مرجون } بالواو وهما لغتان . { لأمر الله } في شأنهم . { إما يعذّبهم } إن أصروا على النفاق . { وإما يتوب عليهم } إن تابوا والترديد للعباد ، وفيه دليل على أن كلا الأمرين بإرادة الله تعالى . { والله عليم } بأحوالهم . { حكيم } فيما يفعل بهم . وقرئ " والله غفور رحيم " والمراد بهؤلاء كعب بن مالك وهلال بن أمية ومرارة بن الربيع ، أمر الرسول صلى الله عليه وسلم أصحابه أن لا يسلموا عليهم ولا يكلموهم ، فلما رأوا ذلك أخلصوا نياتهم وفوضوا أمرهم إلى الله فرحمهم الله تعالى .
قوله { وآخرون } عطف على قوله أولاً { وآخرون } [ التوبة : 84 ] ، وقرأ نافع والأعرج وابن نصاح وأبو جعفر وطلحة والحسن وأهل الحجاز «مرجون » من أرجى دون همز ، وقرأ أبو عمرو وعاصم وأهل البصرة «مرجؤون » من أرجأ يرجىء بالهمز ، واختلف عن عاصم ، وهما لغتان ، ومعناهما التأخير ومنه المرجئة لأنهم أخروا الأعمال أي أخروا حكمها ومرتبتها ، وأنكر المبرد ترك الهمز في معنى التأخير وليس كما قال ، والمراد بهذه الآية فيما قال ابن عباس وعكرمة ومجاهد والضحاك وقتادة وابن إسحاق الثلاثة الذين خلفوا وهم هلال بن أمية الواقفي ومرارة بن الربيع العامري وكعب بن مالك ، ونزلت هذه الآية قبل التوبة عليهم ، وقيل إنها نزلت في غيرهم من المنافقين الذين كانوا معرضين للتوبة مع بنائهم مسجد الضرار ، وعلى هذا يكون الذين اتخذوا بإسقاط واو العطف بدلاً من { آخرون } ، أو خبر ابتداء تقديره هم الذين ، فالآية على هذا فيها ترج لهم واستدعاء إلى الإيمان والتوبة ، و{ عليم } معناه بمن يهدي إلى الرشد ، و{ حكيم } فيما ينفذه من تنعيم من شاء وتعذيب من شاء لا رب غيره ولا معبود سواه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.