غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَءَاخَرُونَ مُرۡجَوۡنَ لِأَمۡرِ ٱللَّهِ إِمَّا يُعَذِّبُهُمۡ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيۡهِمۡۗ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٞ} (106)

100

واعلم أنه تعالى قسم المخلفين إلى ثلاثة أقسام : منهم المنافقون الذين مردوا على النفاق ، والثاني التائبون المعترفون بذنوبهم ، والثالث الذين بقوا موقوفاً أمرهم وذلك قوله { وآخرون } وإعرابه كإعراب قوله { وآخرون اعترفوا } ومعنى { مرجون } أي مؤخرون من أرجيته وأرجأته إذا أخرته ومنه قوله : { أرجه وأخاه } [ الأعراف : 111 ] كما مَرّ ، وبه سميت المرجئة لأنهم جازمون بغفران ذنب التائب ولكن يؤخرونها إلى مشيئة الله ويقولون : إنهم مرجون لأمر الله . وقال الأوزاعي : لأنهم يؤخرون العمل عن الإيمان . وقال ابن عباس : نزلت في كعب بن مالك ومرارة بن الربيع وهلال بن أمية ، أمر رسول الله أصحابه أن لا يسلموا عليهم ولا يكلموهم ولم يفعلوا كما فعل أبو لبابة وأصحابه من شد أنفسهم على السواري وإظهار الجزع والغم ، فلما علموا أن أحذاً لا ينظر إليهم فوضوا أمرهم إلى الله وأخلصوا نياتهم فقبلت توبتهم ونزل فيهم { وعلى الثلاثة الذين خلفوا } كما سيجيء . وقال الحسن : إنهم قوم من المنافقين حذرهم الله بهذه الآية إن لم يتوبوا . وقوله : { إما يعذبهم } التشكيك فيه راجع إلى العباد أي ليكن أمرهم على الخوف والرجاء وكان يقول أناس هلكوا إن لم ينزل الله لهم عذراً ، ويقول آخرون : عسى الله أن يغفر لهم . قال الجبائي : جعل أمرهم دائراً بين التعذيب والتوبة فدل ذلك على انتفاء القسم الثالث وهو العفو من غير التوبة ، وأجيب بأنه يجوز أن تكون المنفصلة مانعة الجمع فقط .

/خ110