قوله تعالى : { كل ذلك كان سيئه عند ربك مكروهاً } ، قرأ ابن عامر وأهل الكوفة : برفع الهمزة وضم الهاء ، على الإضافة ، ومعناه : كل الذي ذكرنا من قوله : { وقضى ربك أن لا تعبدوا إلا إياه } كان سيئه أي : سيء ما عددنا عليك عند ربك مكروهاً ، لأنه قد عد أموراً حسنة كقوله : { وآت ذا القربى حقه } { واخفض لهما جناح الذل } وغير ذلك . وقرأ الآخرون : سيئة منصوبة منونة يعني : كل الذي ذكرنا من قوله : { ولا تقتلوا أولادكم } إلى هذا الموضع سيئة لا حسنة فيه ، إذ الكل يرجع إلى المنهي عنه دون غيره ، ولم يقل مكروهة لأن فيه تقديماً وتأخيراً ، وتقديره : كل ذلك كان مكروهاً سيئةً : وقوله " مكروهاً " على التكرير ، لا على الصفة ، مجازه : كل ذلك كان سيئةً وكان مكروهاً ، راجع إلى المعنى دون اللفظ ، لأن السيئة الذنب وهو مذكر .
وقوله تعالى : { كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا } أما من قرأ " سيئة " أي : فاحشة . فمعناه عنده : كل هذا الذي نهينا عنه ، من قوله : { وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ } إلى هاهنا ، فهو سيئة مؤاخذ عليها { مَكْرُوهًا } عند الله ، لا يحبه ولا يرضاه .
وأما من قرأ { سَيِّئُهُ } على الإضافة فمعناه عنده : كل هذا الذي ذكرناه من قوله : { وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ } إلى هاهنا فسيئه ، أي : فقبيحه مكروه{[17512]} عند الله ، هكذا وجَّه ذلك ابن جرير ، رحمه الله{[17513]} .
{ كل ذلك } إشارة إلى الخصال الخمس والعشرين المذكورة . من قوله تعالى : { لا تجعل مع الله إلها آخر } وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما : أنها المكتوبة في ألواح موسى عليه السلام . { كان سيّئه } يعني المنهي عنه فإن المذكورات مأمورات ومناه . وقرأ الحجازيان والبصريان { سيئه } على أنها خبر { كان } والاسم ضمير { كل } ، و{ ذلك } إشارة إلى ما نهى عنه خاصة وعلى هذا قوله : { عند ربك مكروها } بدل من { سيئه } أو صفة لها محمولة على المعنى ، فإنه بمعنى سيئا وقد قرئ به ، ويجوز أن ينتصب مكروها على الحال من المستكن في { كان } أو في الظرف على أنه صفة { سيئه } ، والمراد به المبغوض المقابل للمرضى لا ما يقابل المراد لقيام القاطع على أن الحوادث كلها واقعة بإرادته تعالى .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.