الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{كُلُّ ذَٰلِكَ كَانَ سَيِّئُهُۥ عِندَ رَبِّكَ مَكۡرُوهٗا} (38)

ثم قال : { كل ذلك كان سيئة عند ربك مكروها } [ 38 ] .

أي : كل ما{[41010]} نهى الله [ عز وجل{[41011]} ] قدم ذكر أشياء/أمر بفعلها ، وذكر أشياء نهى عنها . ولو كان{[41012]} " سيئه " غير مضاف لجعل ما أمر به ورغب في فعله مما تقدم ذكره : كبر الوالدين وإيتاء ذي القربي حقه ، ونحوه . سيئة . وهذا لا يجوز فوجب أن يكون السيئ مضافا على معنى : كل ذلك كان السيئ منه مكروها . وهو قتل النفس وأن تقف{[41013]} ما ليس لك به علم ، والزنا ، وقتل الأولاد وشبهه . واحتج أيضا بقوله : " مكروها " ولم يقل " مكروهة " فوجب تذكير " السيئ " وإضافته لذلك{[41014]} .

وهذا لا يلزم من قرأ " سيئة " {[41015]} غير مضاف لأن الله [ عز وجل{[41016]} ] قدم الأشياء المرغب [ في{[41017]} ] فعلها ثم أعقبها بها نهى عنه فرجعت " كل ذلك [ في قوله : " كل ذلك{[41018]} ] كان سيئه على الأشياء التي هى عنها دون ما تقدم مما رغب في فعله .

وأما التذكير فهو حسن لأنه ذكر " مكروها " وعلى لفظ " كل " و " كل " مضمر في " كان " و " مكروها " خبر عن ذلك المضمر . و " سيئة " خبر آخر فأجرى أحد{[41019]} الخبرين على اللفظ فذكر ، والثاني على المعنى ، فأنث .

وقال إنما ذكر " مكروها " في قراءة من قرأ " سيئة " لأن تأنيث السيئة غير حقيقي .

وقيل : " السيء " و " السيئة " {[41020]} واحد فأجرى{[41021]} " مكروها " على " السيء " كما حملت الصيحة{[41022]} على الصياح ، والرحمة على الرحم ، والبينة على البينات والموعظة [ على المواعظ{[41023]} ] ، فجاز تذكير ذلك كله ولفظه مؤنث .

وقيل : " السيئة " و " السوء " واحد فذكر " مكروها " حملا على " السوء " .

وقيل إن من قرأ " سيئة " بالإضافة ، إنما إضافة على معنى " السيء " كالذي يتحصل من جهته لأن بعضه غير سيء وبعضه سيء . كقوله : { فاجتنبوا الرجس من الأوثان }{[41024]} يعني : من جهة الأوثان إذ الرجس يكون من جهات سوى الأوثان .


[41010]:ق: كلما.
[41011]:ط : واعلم
[41012]:ق: مكروها.
[41013]:ق: فاضافت.
[41014]:انظر : توجيه هذه القراءة في إعراب النحاس 2/425.
[41015]:وهي قراءة نافع وابن كثير وأبي عمرو والأعرج. انظر: معاني الفراء2/104، ومعاني الزجاج 3/240، والسبعة 380، والحجة 403، والتيسير 140 والمحرر 10/296ن والجامع 10/170 والنشر 2/307، وتحبير التيسير 135.
[41016]:ساقط من ق.
[41017]:وهي قراءة نافع وابن كثير وأبي عمرو والأعرج . انظر: معاني الفراء 2/104، ومعاني الزجاج 3/240، والسبعة 380 والحجة 403، والتيسير 140 والمحرر 10/296، والجامع 10/170 والنشر 2/307، وتحبير التيسير 135.
[41018]:ساقط من ط.
[41019]:ق: "إحدى".
[41020]:ق: "السيئات".
[41021]:ط: "فجرى".
[41022]:ق: "الصحيحة".
[41023]:ساقط من ق.
[41024]:الحج: 30.