فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{كُلُّ ذَٰلِكَ كَانَ سَيِّئُهُۥ عِندَ رَبِّكَ مَكۡرُوهٗا} (38)

{ كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيٍّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا ( 38 ) } .

{ كُلُّ ذَلِكَ } أي جميع ما تقدم ذكره من الأوامر والنواهي الخمس والعشرين أو ما نهى عنه فقط من قوله ولا تقف ولا تمش { كَانَ سَيٍّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ } على إضافة سيء إلى الضمير ، ويؤيد هذه القراءة قوله : { مَكْرُوهًا } فإن السبي هو المكروه ويؤيدها أيضا قراءة أبي كان سيئآته .

وقرأ نافع وغيره سيئة على أنها واحدة السيئآت وانتصابها على خبرية كان ومكروها خبر ثان لكان أو بدل من سيئه ، ورجح أبو على الفارسي البدل ، وقد قيل في توجيهه بغير هذا مما فيه تعسف لا يخفى ، قال الزجاج والإضافة أحسن لأن ما تقدم من الآيات فيها سيء وحسن فسيئه المكروه ويقوي ذلك التذكير في المكروه .

ومن قرأ بالتنوين جعل { كل ذلك } إحاطة بالمنهى عنه دون الحسن ، والمعنى كل ما نهى الله عنه كان سيئة وكان مكروها ، والمكروه على هذا بدل من السيئة وليست بنعت ، والمراد بالمكروه عند الله هو الذين يبغضه ولا يرضاه لا أنه غير مراد مطلقا لقيام الأدلة القاطعة على أن الأشياء واقعة بإرادته سبحانه .

وذكر مطلق الكراهة مع أن في الأشياء المتقدمة ما هو من الكبائر إشعارا بأنه مجرد الكراهة عنده تعالى يوجب انزجار السامع واجتنابه لذلك .

والحاصل أن في الخصال المتقدمة ما هو حسن وهو المأمور به ، وما هو مكروه وهو المنهي عنه ، فعلى قراءة الإضافة تكون الإشارة بقوله { كل ذلك } إلى جميع الخصال ، حسنها ومكروهها ، ثم الإخبار بأن ما هو سيء من هذه الأشياء هو المنهي عنه عند الله ، وعلى قراءة الإفراد تكون الإشارة إلى المنهيات ثم الإخبار عن هذه المنهيات بأنها سيئة مكروهة عند الله .