93- ويا قوم اعملوا على ما أنتم قادرون عليه ، وما تستطيعون عمله ، إن لم تسمعوا نصحي إني مثابر على العمل بما يخالف عملكم ، وسوف تعلمون مَنْ مِنا الذي يأتيه عذاب يفضحه ويذله ، ومَن مِنا الذي هو كاذب : أأنا الذي أنذركم بالعذاب ، أم أنتم الذين أنذرتموني بالإخراج من القرية ؟ وانتظروا ما سيحصل ، إني معكم منتظر .
قوله تعالى : { إن ربي بما تعملون محيط* ويا قوم اعملوا على مكانتكم } ، أي : على تؤدتكم وتمكنكم . يقال : فلان يعمل على مكانته إذا عمل على تؤدة وتمكن . { إني عامل } ، على تمكني ، { " سوف تعلمون } ، أينا الجاني على نفسه ، والمخطئ في فعله ، فذلك قوله : { من يأتيه عذاب يخزيه } يذله { ومن هو كاذب } ، قيل : { من } في محل النصب ، أي : فسوف تعلمون الكاذب . وقيل : محله رفع ، تقديره : ومن هو كاذب يعلم كذبه ويذوق وبال أمره . { وارتقبوا } ، وانتظروا العذاب { إني معكم رقيب } ، منتظر .
لما يئس نبيّ الله شعيب من استجابة قومه له ، قال : يا قوم ، { اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ } أي : على طريقتكم ، وهذا تهديد ووعيد شديد ، { إِنِّي عَامِلٌ } على طريقتي ومنهجي { سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ } أي : في الدار الآخرة ، { وَمَنْ هُوَ كَاذِبٌ } أي : مني ومنكم ، { وَارْتَقِبُوا } أي : انتظروا { إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ } .
القول في تأويل قوله تعالى : { وَيَقَوْمِ اعْمَلُواْ عَلَىَ مَكَانَتِكُمْ إِنّي عَامِلٌ سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَمَنْ هُوَ كَاذِبٌ وَارْتَقِبُوَاْ إِنّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ } .
يقول تعالى ذكره ، مخبرا عن قيل شعيب لقومه : { ويا قَوْمِ اعْمَلُوا على مَكانَتِكُمْ } ، يقول : على تمكنكم ، يقال منه : الرجل يعمل على مَكينته ومكِنته ، أي : على اتئاده ، ومَكُن الرجُل يمكُن مَكْنا ومَكانة ومكانا .
وكان بعض أهل التأويل يقول في معنى قوله : على مَكانَتِكُمْ : على منازلكم . فمعنى الكلام إذن : ويا قوم اعملوا على تمكنكم من العمل الذي تعملونه ، إنّي عامِلٌ على تؤدة من العمل الذي أعمله ، سَوفَ تَعْلَمُونَ أينا الجاني على نفسه والمخطىء عليها والمصيب في فعله المحسن إلى نفسه .
القول في تأويل قوله تعالى : { مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَمَنْ هُوَ كاذِبٌ وَارْتَقِبُوا إنّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ } .
يقول تعالى ذكره ، مخبرا عن قيل نبيه شعيب لقومه : الذي يأتيه منا ومنكم أيها القوم { عَذابٌ يُخْزِيهِ } ، يقول : يذله ويهينه ، { وَمَنْ هُوَ كاذِبٌ } ، يقول : ويخزي أيضا الذي هو كاذب في قيله وخبره منا ومنكم . { وَارْتَقِبُوا } ، أي : انتظروا وتفقدوا من الرقبة ، يقال منه : رَقَبْتُ فلانا أرْقُبُه رِقْبة . وقوله : { نّي مَعَكُم رَقِيبٌ } ، يقول : إني أيضا ذو رِقبة لذلك العذاب معكم ، وناظر إليه ، بمن هو نازل منا ومنكم .
{ على مكانتكم } معناه : على حالاتكم ، وهذا كما تقول : مكانة فلان في العلم فوق مكانة فلان ، يستعار من البقاع إلى المعاني .
وقرأ الحسن وأبو عبد الرحمن وعاصم : «مكانتكم » بالجمع ، والجمهور على الإفراد .
وقوله : { اعملوا } تهديد ووعيد ، وهو نحو قوله : { اعملوا ما شئتم }{[6486]} وقوله : { من يأتيه } يجوز أن تكون { من } مفعولة ب { تعلمون } والثانية عطف عليها ، قال الفراء : ويجوز أن تكون استفهاماً في موضع رفع بالابتداء .
قال القاضي أبو محمد : الأول أحسن لأنها موصولة ولا توصل في الاستفهام ، ويقضي بصلتها أن المعطوفة عليها موصولة لا محالة ، والصحيح أن الوقف في قوله : { إني عامل } ثم ابتداء الكلام بالوعيد ، و { من } معمولة ل { تعلمون } وهي موصولة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.