مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{وَيَٰقَوۡمِ ٱعۡمَلُواْ عَلَىٰ مَكَانَتِكُمۡ إِنِّي عَٰمِلٞۖ سَوۡفَ تَعۡلَمُونَ مَن يَأۡتِيهِ عَذَابٞ يُخۡزِيهِ وَمَنۡ هُوَ كَٰذِبٞۖ وَٱرۡتَقِبُوٓاْ إِنِّي مَعَكُمۡ رَقِيبٞ} (93)

{ وَيَا قَوْمِ اعملوا على مَكَانَتِكُمْ } هي بمعنى المكان يقال : مكان ومكانة ومقام ومقامة ، أو مصدر من مكن مكانة فهومكين إذا تمكن من الشيء يعني اعملوا فارين على جهتكم التي أنتم عليها من الشرك ، والشنآن لي ، أو اعملوا متمكنين من عداوتي مطيقين لها { إِنّى عامل } على حسب ما يؤتيني الله من النصرة والتأييد ويمكنني { سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَمَنْ هُوَ كَاذِبٌ } «من » استفهامية معلقة لفعل العلم من عمله فيها كأنه قيل : سوف تعلمون أينا يأتيه عذاب يخزيه أي يفضحه ، وأينا هو كاذب . أو موصولة قد عمل فيها كأنه قيل : سوف تعلمون الشقي الذي يأتيه عذاب يخزيه والذي هو كاذب في زعمكم ودعواكم . وإدخال الفاء في { سوف } وصل ظاهر بحرف وضع للوصل ، ونزعها وصل تقديري بالاستئناف الذي هو جواب لسؤال مقدر كأنهم قالوا : فماذا يكون إذا عملنا نحن على مكانتنا وعملت أنت ؟ فقال : سوف تعلمون . والإتيان بالوجهين للتفنن في البلاغة وأبلغهما الاستئناف { وارتقبوا } وانتظروا العاقبة وما أقول لكم { إِنّى مَعَكُمْ رَقِيبٌ } منتظر ، والرقيب بمعنى الراقب من رقبه كالضريب بمعنى الضارب ، أو بمعنى المراقب كالعشير بمعنى المعاشر ، أو بمعنى المرتقب كالرفيع بمعنى المرتفع .