الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{وَيَٰقَوۡمِ ٱعۡمَلُواْ عَلَىٰ مَكَانَتِكُمۡ إِنِّي عَٰمِلٞۖ سَوۡفَ تَعۡلَمُونَ مَن يَأۡتِيهِ عَذَابٞ يُخۡزِيهِ وَمَنۡ هُوَ كَٰذِبٞۖ وَٱرۡتَقِبُوٓاْ إِنِّي مَعَكُمۡ رَقِيبٞ} (93)

قوله تعالى : { مَن يَأْتِيهِ } : قد تقدَّم نظيرُه في قصة نوح . قال ابن عطية بعد أن حكى عن الفراء أن تكون موصولةً مفعولةً ب " تَعْلمون " ، وأن تكونَ استفهاميةً مبتدأة مُعَلِّقة ل " تعلمون " : " والأول أحسن " ثم قال : " ويَقْضي بصلتها أن المعطوفة عليها موصولة لا محالة " . قال الشيخ : " لا يتعيَّن ذلك ، إذ من الجائز أن تكونَ الثانيةُ استفهاميةً أيضاً معطوفةً على الاستفهامية قبلها ، والتقدير : سوف تعلمون أيُّنا يأتيه/ عذابٌ ، وأيُّنا هو كاذبٌ . وقال الزمخشري : " فإن قلت : أيُّ فَرْقٍ بين إدخالِ الفاء ونَزْعها في " سوف تعلمون " ؟ قلت : إدخالُ الفاءِ وَصْلٌ ظاهر بحرفٍ موضوعٍ للوصل ، ونَزْعُها وَصْلٌ خفيٌّ تقديريٌّ بالاستئناف الذي هو جوابٌ لسؤال مقدر كأنهم قالوا : فماذا يكون إذا عَمِلْنا نحن على مكانتنا وعَمِلْتَ أنت على مكانتك ؟ فقيل : سوف تعلمون ، فَوَصَلَ تارةً بالفاء وتارةً بالاستئناف للتفنن في البلاغة ، كما هو عادةُ البلغاء من العرب ، وأقوى الوصلين وأبلغُهما الاستئنافُ ، وهو بابٌ من علم البيان تتكاثرُ محاسِنُه " .