فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَيَٰقَوۡمِ ٱعۡمَلُواْ عَلَىٰ مَكَانَتِكُمۡ إِنِّي عَٰمِلٞۖ سَوۡفَ تَعۡلَمُونَ مَن يَأۡتِيهِ عَذَابٞ يُخۡزِيهِ وَمَنۡ هُوَ كَٰذِبٞۖ وَٱرۡتَقِبُوٓاْ إِنِّي مَعَكُمۡ رَقِيبٞ} (93)

{ ويا قوم اعملوا على مكانتكم } لما رأى إصرارهم على الكفر وتصميمهم على دين آبائهم وعدم تأثير الموعظة فيهم توعدهم بأن يعملوا على غاية تمكنهم ونهاية استطاعتهم يقال مكن إذا تمكن أبلغ تمكن .

{ إني عامل } على حسب ما يمكنني ويقدره الله لي ثم بالغ في التهديد والوعيد بقوله { سوف تعلمون } أينا الجاني على نفسه المخطئ في فعله وتعلمون عاقبة ما أنتم عليه من عبادة غير الله والإضرار بعباده وقد تقدم مثله في الأنعام .

قال الزمخشري : وصل سوف تارة بالفاء وتارة بالاستئناف كما هو عادة البلغاء من العرب ، وأقوى الوصلين وأبلغهما الاستئناف لأنه أكمل في باب الفصاحة والتهويل 1ه يعني حذف الفاء هنا لأنه جواب سائل هو المسمى في علم البيان بالاستئناف البياني كأن كان قائلا قال : فماذا يكون بعد ذلك فهو أبلغ في التهويل .

{ من يأتيه عذاب يخزيه } أي سوف تعلمون من هو الذي يأتيه العذاب المخزي الذي يتأثر عنه الذل والفضيحة والعار { ومن هو كاذب } في زعمكم ومن هو المعذب وفيه تعريض بكذبهم في قولهم لولا رهطك لرجمناك وما أنت علينا بعزيز .

وقيل التقدير من هو كاذب فسيعلم كذبه ويذوق وبال أمره { وارتقبوا إني معكم رقيب } أي انتظروا إني معكم منتظر لما يقضي به الله بيننا .