الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي  
{وَيَٰقَوۡمِ ٱعۡمَلُواْ عَلَىٰ مَكَانَتِكُمۡ إِنِّي عَٰمِلٞۖ سَوۡفَ تَعۡلَمُونَ مَن يَأۡتِيهِ عَذَابٞ يُخۡزِيهِ وَمَنۡ هُوَ كَٰذِبٞۖ وَٱرۡتَقِبُوٓاْ إِنِّي مَعَكُمۡ رَقِيبٞ} (93)

قوله تعالى : " ويا قوم اعملوا على مكانتكم إني عامل سوف تعلمون " تهديد ووعيد ، وقد تقدم في " الأنعام " {[8844]} . " من يأتيه عذاب يخزيه " أي يهلكه . و " من " في موضع نصب ، مثل " يعلم المفسد من المصلح{[8845]} " [ البقرة : 220 ] . " ومن هو كاذب " عطف عليها . وقيل : أي وسوف تعلمون من هو كاذب منا . وقيل : في محل رفع ، تقديره : ويخزي من هو كاذب . وقيل : تقديره ومن هو كاذب فسيعلم كذبه ، ويذوق وبال أمره . وزعم الفراء أنهم إنما جاؤوا ب " هو " في " ومن هو كاذب " لأنهم لا يقولون من قائم ، إنما يقولون : من قام ، ومن يقوم ، ومن القائم ، فزادوا " هو " ليكون جملة تقوم مقام فعل ويفعل . قال النحاس : ويدل على خلاف هذا قوله{[8846]} :

من رسولي إلى الثُّرَيّا بأني*** ضِقْتُ ذَرْعًا بهجرها والكتابِ

" وارتقبوا إني معكم رقيب " أي انتظروا العذاب والسخطة ، فإني منتظر النصر والرحمة .


[8844]:راجع ج 7 ص 89.
[8845]:راجع ج 3 ص 62.
[8846]:هو عمر بن أبي ربيعة.