المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{۞فَلۡيُقَٰتِلۡ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ ٱلَّذِينَ يَشۡرُونَ ٱلۡحَيَوٰةَ ٱلدُّنۡيَا بِٱلۡأٓخِرَةِۚ وَمَن يُقَٰتِلۡ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ فَيُقۡتَلۡ أَوۡ يَغۡلِبۡ فَسَوۡفَ نُؤۡتِيهِ أَجۡرًا عَظِيمٗا} (74)

74- إذا كان منكم من يعوق أو يبطئ لضعف في إيمانه ، أو خور في عزيمته فليقاتل في سبيل إعلاء كلمة اللَّه والحق ، وهم الذين يبيعون الحياة الدنيا طالبين الحياة الآخرة ، ومن يقاتل في سبيل إعلاء كلمة اللَّه والحق فسينال إحدى الحسنيين . فإما أن يقتل فينال فضل الاستشهاد في سبيل اللَّه ، أو ينتصر فينال فضل الفوز في الدنيا ، وهو في كلتا الحالتين يؤتيه اللَّه أجراً عظيما في الآخرة .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{۞فَلۡيُقَٰتِلۡ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ ٱلَّذِينَ يَشۡرُونَ ٱلۡحَيَوٰةَ ٱلدُّنۡيَا بِٱلۡأٓخِرَةِۚ وَمَن يُقَٰتِلۡ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ فَيُقۡتَلۡ أَوۡ يَغۡلِبۡ فَسَوۡفَ نُؤۡتِيهِ أَجۡرًا عَظِيمٗا} (74)

قوله تعالى : { فليقاتل في سبيل الله الذين يشرون الحياة الدنيا بالآخرة } . قيل : نزلت في المنافقين ، ومعنى يشرون أي : يشترون ، يعني الذين يختارون الدنيا على الآخرة ، ومعناه : آمنوا ، ثم قاتلوا ، وقيل : نزلت في المؤمنين المخلصين ، معناه : فليقاتل في سبيل الله الذين يشرون أي : يبيعون الحياة الدنيا بالآخرة ويختارون الآخرة .

قوله تعالى : { ومن يقاتل في سبيل الله فيقتل } ، يعني يستشهد .

قوله تعالى : { أو يغلب } يظفر .

قوله تعالى : { فسوف نؤتيه } ، في كلا الوجهين .

قوله تعالى : { أجراً عظيماً } ، ويدغم أبو عمرو والكسائي الباء في الفاء حيث كان . أخبرنا أبو الحسن محمد بن محمد السرخسي ، أنا زاهر بن أحمد ، أخبرنا أبو إسحاق الهاشمي ، أنا أبو مصعب ، عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { تكفل الله لمن جاهد في سبيل الله لا يخرجه من بيته إلا الجهاد في سبيله وتصديق كلمته ، أن يدخله الجنة ، أو يرجعه إلى مسكنه الذي خرج منه مع ما نال من أجر وغنيمة .

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن الفضل الخرقي ، أنا أبو الحسن علي بن عبد الله الطيسفوني ، أنا أبو عبد الرحمن عبد الله بن عمر الجوهري ، أنا أحمد بن علي الكشميهني ، أنا علي بن حجر ، أنا إسماعيل بن جعفر ، أنا محمد بن عمرو ابن علقمة عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( مثل المجاهد في سبيل الله كمثل القانت الصائم الذي لا يفتر من صلاة ولا صيام حتى يرجعه الله إلى أهله بما يرجعه من غنيمة وأجر ، أو يتوفاه فيدخله الجنة ) .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{۞فَلۡيُقَٰتِلۡ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ ٱلَّذِينَ يَشۡرُونَ ٱلۡحَيَوٰةَ ٱلدُّنۡيَا بِٱلۡأٓخِرَةِۚ وَمَن يُقَٰتِلۡ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ فَيُقۡتَلۡ أَوۡ يَغۡلِبۡ فَسَوۡفَ نُؤۡتِيهِ أَجۡرًا عَظِيمٗا} (74)

ثم قال تعالى : { فَلْيُقَاتِلْ } أي : المؤمن النافر { فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالآخِرَةِ } أي : يبيعون دينهم بعَرَض قليل من الدنيا ، وما ذلك{[7893]} إلا لكفرهم وعدم إيمانهم .

ثم قال تعالى : { وَمَنْ يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا } أي : كل من قاتل في سبيل الله - سواء قتل أو غَلَب وسَلَب - فله عند الله مثوبة عظيمة وأجر جزيل ، كما ثبت في الصحيحين{[7894]} وتكفل الله للمجاهد في سبيله ، إن{[7895]} توفاه أن يدخله الجنة ، أو يرجعه إلى مسكنه الذي خرج منه نائلا ما نال من أجر أو غنيمة .


[7893]:في د، ر: "وذاك".
[7894]:رواه البخاري في صحيحه برقم (7463، 7457) ومسلم في صحيحه برقم (1876) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
[7895]:في د، ر، أ: "بأن".
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{۞فَلۡيُقَٰتِلۡ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ ٱلَّذِينَ يَشۡرُونَ ٱلۡحَيَوٰةَ ٱلدُّنۡيَا بِٱلۡأٓخِرَةِۚ وَمَن يُقَٰتِلۡ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ فَيُقۡتَلۡ أَوۡ يَغۡلِبۡ فَسَوۡفَ نُؤۡتِيهِ أَجۡرًا عَظِيمٗا} (74)

القول في تأويل قوله تعالى :

{ فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدّنْيَا بِالاَخِرَةِ وَمَن يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَيُقْتَلْ أَو يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً } . .

وهذا حضّ من الله المؤمنين على جهاد عدوّه من أهل الكفر به على أحايينهم غالبين كانوا أو مغلوبين ، والتهاون بأحوال المنافقين في جهاد من جاهدوا من المشركين ، وقع جهادهم إياهم مغلوبين كانوا أو غالبين¹ منزلة من الله رفيعة . يقول الله لهم جلّ ثناؤه : { فَلْيُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللّهِ } يعني : في دين الله والدعاء إليه والدخول فيما أمر به أهل الكفر به ، { الّذِينَ يَشْرُونَ الحَياةَ الدّنْيا بالاَخِرَةِ } يعني : الذين يبيعون حياتهم الدنيا بثواب الاَخرة وما وعد الله أهل طاعته فيها . وبيعهم إياها بها ، إنفاقهم أموالهم في طلب رضا الله ، كجهاد من أمر بجهاده من أعدائه وأعداء دينه ، وبذلهم مهجهم له في ذلك . أخبر جلّ ثناؤه بما لهم في ذلك إذا فعلوه ، فقال : { وَمَنْ يُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَيْقْتَلْ أوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أجْرا عَظِيما } يقول : ومن يقاتل في طلب إقامة دين الله وإعلاء كلمة الله أعداء الله ، فيقتل ، يقول : فيقتله أعداء الله أو يغلبهم ، فيظفر بهم¹ { فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أجْرا عَظِيما } يقول : فسوف نعطيه في الاَخرة ثوابا وأجرا عظيما . وليس لما سمي جلّ ثناؤه عظيما مقدار يعرف مبلغه عباد الله . وقد دللنا على أن الأغلب على معنى «شريت » في كلام العرب «بعت » بما أغنى . وقد :

حدثنا محمد بن الحسين ، قال : حدثنا أحمد بن مفضل ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ : { فَلْيُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الّذِينَ يَشْرُونَ الحَياةَ الدّنْيا بالاَخِرَةِ } يقول : يبيعون الحياة الدنيا بالاَخرة .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد : { يَشْرُونَ الحَيَاةَ الدّنْيَا بالاَخِرَةِ } فيشري : يبيع ، ويشري : يأخذ ، وإن الحمقى باعوا الدنيا بالاَخرة .