البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{۞فَلۡيُقَٰتِلۡ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ ٱلَّذِينَ يَشۡرُونَ ٱلۡحَيَوٰةَ ٱلدُّنۡيَا بِٱلۡأٓخِرَةِۚ وَمَن يُقَٰتِلۡ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ فَيُقۡتَلۡ أَوۡ يَغۡلِبۡ فَسَوۡفَ نُؤۡتِيهِ أَجۡرًا عَظِيمٗا} (74)

{ فليقاتل في سبيل الله الذين يشرون الحياة الدنيا بالآخرة } قيل : نزلت في المنافقين الذين تخلفوا عن أحد .

ويشرون بمعنى يشترون .

والمعنى : أخلصوا الإيمان بالله ورسوله ، ثم جاهدوا في سبيل الله .

وقيل : نزلت في المؤمنين المتخلفين ، ويشرون بمعنى يبيعون ويؤثرون الآجلة على العاجلة ، ويستبدلونها بها أمر الله تعالى بالجهاد من تخلف من ضعفة المؤمنين .

{ ومن يقاتل في سبيل الله فيقتل أو يغلب فسوف نؤتيه أجراً عظيماً } ثم وعد من قاتل في سبيل الله بالأجر العظيم ، سواء استشهد ، أو غلب .

واكتفى في الحالتين بالغاية ، لأن غاية المغلوب في القتال أن يقتل ، وغاية الذي يقتل أن يغلب ويغنم ، فأشرف الحالتين ما بدء به من ذكر الاستشهاد في سبيل الله ، ويليها أنْ يقتل أعداء الله ، ودون ذلك الظفر بالغنيمة ، ودون ذلك أن يغزو فلا يصيب ولا يصاب .

ولفظ الجهاد في سبيل الله يشمل هذه الأحوال ، والأجر العظيم فسر بالجنة .

والذي يظهر أنه مزيد ثواب من الله تعالى مثل كونهم أحياء عند ربهم يرزقون ، لأن الجنة موعود دخولها بالإيمان .

وكان الذي فسره بالجنة ينظر إلى قوله تعالى : { إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة } الآية .

وقرأ الجمهور : فليقاتل بسكون لام الأمر .

وقرأت فرقة : بكسرها على الأصل .

وقرأ الجمهور : فيُقتل مبنياً للمفعول .

وقرأ محارب بن دثار : فيقتل على بناء الفعل للفاعل .

وأدغم يغلب في الفاء أبو عمرو والكسائي وهشام وخلاد بخلاف عنه ، وأظهرها باقي السبعة .

وقرأ الجمهور : نؤتيه بالنون .

وقرأ الأعمش وطلحة بن مصرف : يؤتيه بالياء .

/خ79