فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{۞فَلۡيُقَٰتِلۡ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ ٱلَّذِينَ يَشۡرُونَ ٱلۡحَيَوٰةَ ٱلدُّنۡيَا بِٱلۡأٓخِرَةِۚ وَمَن يُقَٰتِلۡ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ فَيُقۡتَلۡ أَوۡ يَغۡلِبۡ فَسَوۡفَ نُؤۡتِيهِ أَجۡرًا عَظِيمٗا} (74)

قوله : { فَلْيُقَاتِلْ فِى سَبِيلِ الله } هذا أمر للمؤمنين ، وقدّم الظرف على الفاعل للاهتمام به . و { الذين يَشْرُونَ } معناه : يبيعون ، وهم المؤمنون ، والفاء في قوله : { فَلْيُقَاتِلْ } جواب الشرط مقدّر ، أي : لم يقاتل هؤلاء المذكورون سابقاً الموصوفون بأن منهم لمن ليبطئن ، فليقاتل المخلصون الباذلون أنفسهم البائعون للحياة الدنيا بالآخرة ، ثم وعد المقاتلين في سبيل الله بأنه سيؤتيهم أجراً عظيماً لا يقادر قدره ، وذلك أنه إذا قتل فاز بالشهادة التي هي أعلى درجات الأجور ، وإن غلب ، وظفر كان له أجر من قاتل في سبيل الله مع ما قد ناله من العلوّ في الدنيا والغنيمة ، وظاهر هذا يقتضي التسوية بين من قتل شهيداً ، أو انقلب غانماً ، وربما يقال : إن التسوية بينهما إنما هي في إيتاء الأجر العظيم ، ولا يلزم أن يكون أجرهما مستوياً ، فإن كون الشيء عظيماً هو من الأمور النسبية التي يكون بعضها عظيماً بالنسبة إلى ما هو دونه ، وحقيراً بالنسبة إلى ما هو فوقه .

/خ76