نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{۞فَلۡيُقَٰتِلۡ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ ٱلَّذِينَ يَشۡرُونَ ٱلۡحَيَوٰةَ ٱلدُّنۡيَا بِٱلۡأٓخِرَةِۚ وَمَن يُقَٰتِلۡ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ فَيُقۡتَلۡ أَوۡ يَغۡلِبۡ فَسَوۡفَ نُؤۡتِيهِ أَجۡرًا عَظِيمٗا} (74)

ولما بين أن محط حال القاعد عن الجهاد الدنيا ، علم أن قصد المجاهد الآخرة ، فسبب عن ذلك قوله : { فليقاتل في سبيل الله } أي بسبب تسهيل طريق الملك الذي له الأمر كله وحفظ الناس عليه { الذين يشرون } أي يبيعون{[21960]} برغبة ولجاجة وهم المؤمنون ، أو يأخذون وهم المنافقون - استعمالاً للمشترك{[21961]} في مدلوليه{[21962]} { الحياة الدنيا } فيتركونها { بالآخرة } ولما كان التقدير : فإنه من قعد عن الجهاد فقد رضي في الآخرة بالدنيا ، عطف عليه قوله : { ومن يقاتل في سبيل الله } أي فيريد إعلاء كلمة الملك المحيط بصفات {[21963]}الجمال والجلال{[21964]} { فيقتل } أي في ذلك الوجه وهو على تلك النية بعد أن يغلب القضاء والقدر على نفسه { أو يغلب } أي الكفار فيسلم { فسوف نؤتيه{[21965]} } أي بوعد لا خلف فيه بما لنا من العظمة المحيطة بالخير والشر ، والآية من الاحتباك : ذكرُ القتل أولاً دليل على السلامة ثانياً ، وذكر الغالبية ثانياً دليل على المغلوبية أولاً ؛ وربما دل التعبير بسوف على طول عمر المجاهد غالباً خلافاً لما يتوهمه كثير من الناس - إعلاماً بأن المدار على فعل الفاعل المختار ، لا على الأسباب { أجراً عظيماً * } أي في الدارين على اجتهاده{[21966]} في إعزاز{[21967]} دين الله سبحانه وتعالى ، واقتصاره على هذين القسمين حث على الثبات ولو كان العدو أكثر من الضعف{ فكم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة{[21968]} }[ البقرة : 249 ] { والله يؤيد بنصره من يشاء{[21969]} }[ آل عمران : 13 ] والله مع الصابرين {[21970]} .


[21960]:في ظ: يبغون.
[21961]:من مد، وفي الأصل وظ: للمشتري.
[21962]:من ظ، وفي الأصل ومد: مدلوله.
[21963]:في ظ ومد: الجلال والجمال.
[21964]:في ظ ومد: الجلال والجمال.
[21965]:في ظ: يؤتيه.
[21966]:في ظ: اجتهاده.
[21967]:من ظ ومد، وفي الأصل: إعذار.
[21968]:اقتباس من سورة 2 آية 249.
[21969]:سورة 3 آية 13.
[21970]:اقتباس من سورة 2 آية 249.