محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{۞فَلۡيُقَٰتِلۡ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ ٱلَّذِينَ يَشۡرُونَ ٱلۡحَيَوٰةَ ٱلدُّنۡيَا بِٱلۡأٓخِرَةِۚ وَمَن يُقَٰتِلۡ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ فَيُقۡتَلۡ أَوۡ يَغۡلِبۡ فَسَوۡفَ نُؤۡتِيهِ أَجۡرًا عَظِيمٗا} (74)

ولما ذم تعالى المبطئين عن الجهاد ، رغب المؤمنين فيه بقوله سبحانه :

( فليقاتل في سبيل الله الذين يشرون الحياة الدنيا بالآخرة ومن يقاتل في سبيل الله فيقتل أو يغلب فسوف نؤتيه أجرا عظيما74 ) .

( فليقاتل في سبيل الله الذين يشرون الحياة الدنيا بالآخرة ) أي : يبيعونها بها . وهم المؤمنون الذين يستحبون الآجلة على العاجلة ويستبدلونها بها . والمعنى : إن صد الذين في قلوبهم مرض ، فليقاتل المخلصون الباذلون أنفسهم في طلب الآخرة . ويقال : عنى بالموصول المنافقين المبطئين . أي الذين يشترونها ويختارونها على الآخرة . فيكون وعظا لهم بأن يبدلوا التثبيط بالجهاد ( ومن يقاتل في سبيل الله فيقتل ) أي يستشهد ( أو يغلب ) أي : يظفر على العدو ( فسوف نؤتيه ) نعطيه ( أجرا عظيما ) ثوابا وافرا . روى الشيخان عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " تضمن الله لمن خرج في سبيله . لا يخرجه الا جهادا في سبيلي . وايمانا بي . وتصديقا برسلي . فهو علي ضامن أن أدخله الجنة أو أرجعه إلى مسكنه الذي خرج منه . نائلا ما نال من أجر أو غنيمة " ( لفظ مسلم ) {[1987]} .


[1987]:أخرجه في: 33 –كتاب الامارة، حديث 103 (طبعتنا) ونصه: ... "والذي نفس محمد بيده! ما من كلم يكلم في سبيل الله الا جاء يوم القيامة كهيئته حين كلم، لونه لوم دم وريحه مسك. والذي نفس محمد بيده! لولا أن يشق على المسلمين، ما قعدت خلاف سرية تغزو في سبيل الله أبدا. ولكن لا أجد سعة فأحملهم. ولا يجدون سعة. ويشق عليهم أن يتخلفوا عني. والذي نفس محمد بيده! لوددت أني أغزو في سبيل الله فأقتل. ثم أغزو فأقتل. ثم أغزو فأقتل".