إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{۞فَلۡيُقَٰتِلۡ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ ٱلَّذِينَ يَشۡرُونَ ٱلۡحَيَوٰةَ ٱلدُّنۡيَا بِٱلۡأٓخِرَةِۚ وَمَن يُقَٰتِلۡ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ فَيُقۡتَلۡ أَوۡ يَغۡلِبۡ فَسَوۡفَ نُؤۡتِيهِ أَجۡرًا عَظِيمٗا} (74)

{ فَلْيُقَاتِلْ في سَبِيلِ الله } قدِّم الظرفُ على الفاعل للاهتمام به { الذين يَشْرُونَ الحياة الدنيا بالاخرة } أي يبيعونها بها وهم المؤمنون فالفاءُ جوابُ شرطٍ مقدرٍ أي إن بطّأ هؤلاءِ عن القتال فليقاتِلِ المُخلِصون الباذلون أنفسَهم في طلب الآخرةِ أو الذين يشترونها ويختارونها على الآخرة ، وهم المُبطِّئون فالفاءُ للتعقيب أي لِيترُكوا ما كانوا عليه من التثبُّط والنفاقِ ولْيُبدِّلوه بالقتال في سبيل الله { وَمَن يقاتل في سَبِيلِ الله فَيُقْتَلْ أَو يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ } بنون العظمةِ التفاتاً { أَجْراً عَظِيماً } لا يقادَرُ قَدْرُه ، وتعقيبُ القتالِ بأحد الأمرين للإشعار بأن المجاهدَ حقُّه أن يوطِّن نفسَه بإحدى الحسنيين ولا يُخطِرَ بباله القسمَ الثالثَ أصلاً ، وتقديمُ القتلِ للإيذان بتقدّمه في استتباع الأجرِ ، روى أبو هريرةَ رضي الله عنه أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال : «تكفّل الله تعالى لمن جاهد في سبيله لا يُخرِجُه إلا جهادٌ في سبيله وتصديقُ كلمتِه أن يُدخِلَه الجنةَ أو يُرجِعَه إلى مسكنه الذي خرج منه مع ما نال من أجر وغنيمة » .