قوله تعالى : { وقال المسيح يا بني إسرائيل اعبدوا الله ربي وربكم إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة } ، يعني : المرقوسية ، وفيه إضمار معناه : ثالث ثلاثة الآلهة ، لأنهم يقولون : الإلهية مشتركة بين الله تعالى ، ومريم ، وعيسى ، وكل واحد من هؤلاء إله ، فهم ثلاثة آلهة ، يبين هذا قوله عز وجل للمسيح : { أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله } ؟ [ المائدة : 116 ] ، ومن قال : إن الله ثالث ثلاثة لم يرد به الإلهية لا يكفر ، فإن الله يقول : { ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم } [ المجادلة : 7 ] ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بكر رضي الله عنه : ( ما ظنك باثنين الله ثالثهما ) . ثم قال رداً عليهم :
قوله تعالى : { وما من إله إلا إله واحد وإن لم ينتهوا عما يقولون ليمسن } . ليصيبن . قوله تعالى : { الذين كفروا منهم عذاب أليم } . خص الذين كفروا لعلمه أن بعضهم يؤمنون .
وقوله { لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ } قال ابن أبي حاتم : حدثنا علي بن الحسن الهِسَتْجَاني ، حدثنا سعيد بن الحكم بن أبي مريم ، حدثنا الفضل ، حدثني أبو صخر في قول الله : { لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ } قال : هو قول اليهود : { عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ } وقول النصارى : { الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ } [ التوبة : 30 ] فجعلوا الله ثالث ثلاثة .
وهذا قول غريب في تفسير الآية : أن المراد بذلك طائفتا{[10140]} اليهود والنصارى والصحيح : أنها أنزلت في النصارى{[10141]} خاصة ، قاله مجاهد وغير واحد .
ثم اختلفوا{[10142]} في ذلك فقيل : المراد بذلك كفارهم في قولهم بالأقانيم الثلاثة ، وهو أقنوم الأب ، وأقنوم الابن ، وأقنوم الكلمة المنبثقة{[10143]} من الأب إلى الابن ، تعالى الله عن قولهم علوًا كبيرًا ، قال{[10144]} ابن جرير وغيره : والطوائف الثلاث من الملكية واليعقوبية والنَّسطورية تقول بهذه الأقانيم . وهم مختلفون فيها اختلافًا متباينًا ليس هذا موضع بسطه ، وكل فرقة منهم تكفر الأخرى ، والحق أن الثلاث كافرة .
وقال السُّدِّي وغيره : نزلت في جعلهم المسيح وأمه إلهين مع الله ، فجعلوا الله{[10145]} ثالث ثلاثة بهذا الاعتبار ، قال السدي : وهي كقوله تعالى في آخر السورة : { وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ } الآية [ المائدة : 116 ] .
وهذا القول هو الأظهر ، والله أعلم . قال الله تعالى : { وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلا إِلَهٌ وَاحِدٌ } أي : ليس متعددا ، بل هو وحده لا شريك له ، إله جميع الكائنات وسائر الموجودات .
ثم قال : تعالى متوعدًا لهم ومتهددًا : { وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ } أي : من هذا الافتراء والكذب { لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } أي : في الآخرة من الأغلال والنكال .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.