غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{لَّقَدۡ كَفَرَ ٱلَّذِينَ قَالُوٓاْ إِنَّ ٱللَّهَ ثَالِثُ ثَلَٰثَةٖۘ وَمَا مِنۡ إِلَٰهٍ إِلَّآ إِلَٰهٞ وَٰحِدٞۚ وَإِن لَّمۡ يَنتَهُواْ عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنۡهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (73)

70

قال المفسرون { ثالث ثلاثة } معناه ثالث آلهة ثلاثة ليلزم الكفر وإلا فما من شيئين وإلا والله ثالثهما . يحكى أن النصارى يقولون أب وابن وروح قدس والثلاثة إله واحد كما أن الشمس تتناول القرص والشعاع والحرارة . وعنوا بالأب الذات ، وبالابن الكلمة ، وبالروح الحياة ، قالوا : إن الكلمة التي هي كلام الله اختلطت بجسد عيسى اختلاط الماء بالخمر ، وزعموا أن الأب إله واحد ، والابن إله واحد ، والروح إله واحد ، والكل إله واحد . واعلم أن هذا معلوم البطلان بالبديهة لأن الثلاثة لا تكون واحداً والواحد لا يكون ثلاثة فلا جرم رد الله مقالتهم بقوله : { وما من إله إلا إله واحد } فزاد من الاستغراقية . والمعنى ما إله قط في الوجود إلا إله موصوف بالوحدانية لا ثاني له ولا شريك . ثم زجرهم بقوله { وإن لم ينتهوا عما يقولون ليمسنّ الذين كفروا } قال الزجاج : يعني الذين أقاموا على هذا الدين لأن كثيراً منهم تابوا عن النصرانية ف " من " في قوله { منهم } للتبعيض ، ويجوز أن تكون للبيان والمراد ليمسنهم ، ولكن أقيم الظاهر مقام المضمر تكريراً للشهادة عليهم بالكفر ورمزاً إلى أنهم من الكفر بمكان حتى لو فسر الكفار المعذبون عنوا بذلك خاصة . ومعنى { عذاب أليم } نوع شديد الألم من العذاب