الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{لَّقَدۡ كَفَرَ ٱلَّذِينَ قَالُوٓاْ إِنَّ ٱللَّهَ ثَالِثُ ثَلَٰثَةٖۘ وَمَا مِنۡ إِلَٰهٍ إِلَّآ إِلَٰهٞ وَٰحِدٞۚ وَإِن لَّمۡ يَنتَهُواْ عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنۡهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (73)

قوله تعالى : { لَّقَدْ كَفَرَ الذين قَالُواْ إِنَّ الله ثالث ثلاثة وَمَا مِنْ إله إِلاَّ إله واحد . . . } [ المائدة :73 ] .

إخبارٌ مؤكِّد ، كالذي قبله ، عن هذه الطائفة النَّاطقة بالتثليث ، وهم فِرَقٌ منهم النُّسْطُورِيَّة ، وغيرهم ، ولا معنى لذكْر أقوالهم في كُتُب التَّفْسِير .

وقوله سبحانه : { ثالث ثلاثة } لا يَجوزُ فيه إلاَّ الإضافةُ ، وخفض «ثلاثة » ، لأن المعنى أحدُ ثلاثةٍ ، فإنْ قلت : زَيْدٌ ثَالِثُ اثنين ، أَوْ رَابِعُ ثَلاَثَةٍ ، جاز لك أنْ تضيفَ ، كما تقدَّم ، وجاز أن لاَّ تضيفَ ، وتَنْصِب «ثَلاَثة » ، على معنى : زَيْدٌ يربِّع ثلاثةً .

وقوله سبحانه : { وَمَا مِنْ إله إِلاَّ إله واحد . . . } الآية ، خَبَرٌ صادِعٌ بالحَقِّ ، وهو سبحانه الخالِقُ المُبْدِعُ المتَّصِفُ بالصفات العُلاَ ، سبحانه وتعالى عَمَّا يقول الظالمون علوًّا كبيراً ، ثم توعَّدهم ، إنْ لم ينتهوا عما يقولُونَ ، ثم رَفَق جلَّ وعلا بهم ، بتحضيضه إيَّاهم على التوبة ، وطَلَبِ المَغْفرة ، ثم وصَفَ نفسه سبحانه بالغُفْرَانِ والرَّحْمة ، استجلابا للتائِبِينَ ، وتَأْنيساً لهم ، ليكونوا على ثِقَةٍ من الانتفاعِ بتوبتهم .

قال ( ص ) : { لَيَمَسَّنَّ } اللامُ فيه جوابُ قَسَمٍ محذوفٍ قبل أداة الشرطِ ، انتهى .