قوله تعالى : { لن يضروكم إلا أذى } . قال مقاتل : إن رؤوس اليهود عمدوا إلى من آمن منهم ، كعبد الله بن سلام وأصحابه ، فآذوهم ، فأنزل الله تعالى هذه الآية لن يضروكم أيها المؤمنون هؤلاء اليهود إلا أذى باللسان وعيداً وطغياناً وقيل كلمة كفر تتأذون بها .
ولما كان بعض المسلمين ما يزالون على صلات منوعة باليهود في المدينة ، ولما كانت لليهود حتى ذلك الحين قوة ظاهرة : عسكرية واقتصادية يحسب حسابها بعض المسلمين ، فقد تكفل القرآن بتهوين شأن هؤلاء الفاسقين في نفوس المسلمين ، وإبراز حقيقتهم الضعيفة بسبب كفرهم وجرائمهم وعصيانهم ، وتفرقهم شيعا وفرقا ، وما كتب الله عليهم من الذلة والمسكنة .
( لن يضروكم إلا أذى . وإن يقاتلوكم يولوكم الأدبار ، ثم لا ينصرون ، ضربت عليهم الذلة أين ما ثقفوا - إلا بحبل من الله وحبل من الناس - وباؤوا بغضب من الله ، وضربت عليهم المسكنة . ذلك بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله ، ويقتلون الأنبياء بغير حق ، ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون ) .
بهذا يضمن الله للمؤمنين النصر وسلامة العاقبة ، ضمانة صريحة حيثما التقوا بأعدائهم هؤلاء ، وهم معتصمون بدينهم وربهم في يقين :
( لن يضروكم إلا أذى . وإن يقاتلوكم يولوكم الأدبار ثم لا ينصرون ) . .
فلن يكون ضررا عميقا ولا أصيلا يتناول أصل الدعوة ، ولن يؤثر في كينونة الجماعة المسلمة ، ولن يجليها من الأرض . . إنما هو الأذى العارض في الصدام ، والألم الذاهب مع الأيام . . فأما حين يشتبكون مع المسلمين في قتال ، فالهزيمة مكتوبة عليهم - في النهاية - والنصر ليس لهم على المؤمنين ، ولا ناصر لهم كذلك ولا عاصم من المؤمنين . .
ثم قال تعالى مخبرًا عباده المؤمنين ومُبشِّرًا لهم أن النصر والظَّفر لهم على أهل الكتاب الكفرة الملحدين ، فقال : { لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلا أَذًى وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الأدْبَارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ } وهكذا وقع ، فإنهم يوم خَيْبَر أذلّهم الله وأرْغَم آنافهم{[5563]} وكذلك من قبلهم من يهود المدينة بني قَيْنُقَاع وبني النَّضِير وبني قُرَيْظَة{[5564]} كلهم أذلهم الله ، وكذلك النصارى بالشام كَسَرهم الصحابة في غير ما موطن ، وسَلَبوهم مُلْك الشام أبد الآبدين ودهر الداهرين ، ولا تزال عِصَابة الإسلام قائمة بالشام حتى ينزل عيسى ابن مريم [ عليه السلام ]{[5565]} وهم كذلك ، ويحكم ، عليه السلام{[5566]} بشرع محمد{[5567]} عليه أفضل الصلاة والسلام{[5568]} فيَكْسر الصَّلِيب ، ويقتل الخنزير ، ويَضَع الجزْية ، ولا يقبل إلا الإسلام .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.