فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{لَن يَضُرُّوكُمۡ إِلَّآ أَذٗىۖ وَإِن يُقَٰتِلُوكُمۡ يُوَلُّوكُمُ ٱلۡأَدۡبَارَ ثُمَّ لَا يُنصَرُونَ} (111)

{ يولوكم الأدبار } يفروا ويعطوا ظهورهم لمن يقاتلهم وينهزموا .

{ لا ينصرون } يغلبون ويخذلون .

{ لن يضروكم {[1107]} إلا أذى وإن يقاتلوكم يولوكم الأدبار ثم لا ينصرون }{[1108]} .

هكذا وقع فإنهم يوم خيبر أذلهم الله وأرغم أنوفهم وكذلك من قبلهم من يهود المدينة بني قينقاع وبني النضير وبني قريظة كلهم أذلهم الله ، كذلك النصارى بالشام كسرهم الصحابة في غير ما موطن وسلبوهم ملك الشام أبد الآبدين ودهر الداهرين ولا تزال عصابة الإسلام قائمة بالشام حتى ينزل عيسى ابن مريم وهم كذلك ويحكم بملة الإسلام وشرع محمد عليه أفضل الصلاة والسلام فيكسر الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية ولا يقبل إلا الإسلام{[1109]} .


[1107]:لن يضركم الضرر الحقيقي الذي يتمثل في الحرب والنهب ونحوها لكن يصيبكم منهم أذى من بهتانهم وافترائهم الكذب فالاستثناء على هذا منقطع.
[1108]:مما أورد المفسرون: وإنما لم يجزم بالعطف على {يولوكم} لئلا يصير نفي النصر مقيدا بمقاتلتهم بل يرفع ليكون وعد النصر وعدا مطلقا وتكون هذه الجملة معطوفة على جملة الشرط والجزاء كأنه قيل أخبرهم أنهم إن يقاتلوكم ينهزموا ثم أخبركم وأبشركم أن النصر والقوة منتف عنهم رأسا فلن يستقيم لهم أمر البتة ومعنى {ثم} إفادة التراخي في الرتبة لأن الإخبار بتسليط الخذلان عليهم أعظم من الإخبار بانهزامهم عند القتال فإن قيل هب أن اليهود كذلك لكن النصارى قد يوجد لهم قوة وشوكة في ديارهم قلنا هذه الآيات مخصوصة باليهود وأسباب النزول تدل على ذلك فكان كما أخبر من حال بني قريظة والنضير وبني قينقاع وأهل خيبر أو لعل المراد نفي النصرة عنهم بعد القتال ولم يوجد نصراني بهذه الحالة وفي الآية تشجيع للمؤمنين وتثبيت لمن آمن من أهل الكتاب كيلا يلتفتوا إلى تضليلاتهم وتحريفاتهم.
[1109]:من تفسير القرآن العظيم.