فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{لَن يَضُرُّوكُمۡ إِلَّآ أَذٗىۖ وَإِن يُقَٰتِلُوكُمۡ يُوَلُّوكُمُ ٱلۡأَدۡبَارَ ثُمَّ لَا يُنصَرُونَ} (111)

قوله : { لَن يَضُرُّوكُمْ إِلاَّ أَذًى } أي : لن يضروكم بنوع من أنواع الضرر إلا بنوع الأذى ، وهو الكذب ، والتحريف ، والبهت ، ولا يقدرون على الضرر الذي هو الضرر في الحقيقة بالحرب ، والنهب ، ونحوهما ، فالاستثناء مفرغ ، وهذا وعد من الله لرسوله ، وللمؤمنين أن أهل الكتاب لا يغلبونهم ، وأنهم منصورون عليهم ، وقيل : الاستثناء منقطع . والمعنى : لن يضروكم ألبتة لكي يؤذونكم ، ثم بين سبحانه ما نفاه من الضرر بقوله : { وَإِن يقاتلوكم يُوَلُّوكُم الأدبار } أي : ينهزمون ولا يقدرون على مقاومتكم فضلاً عن أن يضروكم .

وقوله : { ثُمَّ لاَ يُنصَرُونَ } عطف على الجملة الشرطية ، أي : ثم لا يوجد لهم نصر ، ولا يثبت لهم غلب في حال من الأحوال ، بل شأنهم الخذلان ما داموا . وقد وجدنا ما وعدنا سبحانه حقاً ، فإن اليهود لم تخفق لهم راية نصر ، ولا اجتمع لهم جيش غلب بعد نزول هذه الآية ، فهي من معجزات النبوة .

/خ112