غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{لَن يَضُرُّوكُمۡ إِلَّآ أَذٗىۖ وَإِن يُقَٰتِلُوكُمۡ يُوَلُّوكُمُ ٱلۡأَدۡبَارَ ثُمَّ لَا يُنصَرُونَ} (111)

102

ثم أخبر عن حالهم وكان كما قال وهو آية الإعجاز بجملة مستأنفة هي { لن يضروكم إلا أذى } الإضرار ألا يجاوز أذى بقول كطعن في الدين أو تهديد أو تحريف نص أو إلقاء شبهة أو إظهار كلمة الكفر بإشراكهم عزيراً والمسيح . والأذى مصدر كالأسى يقال : يفعلون أذاه يؤذيه أذى وأذاة وأذية . والأذى نوع من الضر فصح انتصابه به والتقدير : لن يضروكم شيئاً من أنواع الضرر إلا ضرراً يسيراً . ومن هذا تبين أن الاستثناء ليس بمنقطع على ما ظن { وإن قاتلوكم يولوكم الأدبار } منهزمين { ثم لا ينصرون } وإنما لم يجزم بالعطف على { يولوكم } لئلا يصير نفي النصر مقيداً بمقاتلتهم بل يرفع ليكون نفي النصر وعداً مطلقاً ، وتكون هذه الجملة معطوفة على جملة الشرط والجزاء كأنه قيل : أخبركم أنهم إن يقاتلوكم وينهزموا ، ثم أخبركم وأبشركم أن النصر والقوة منتفٍ عنهم رأساً فلن يستقيم لهم أمر ألبتة .

ومعنى " ثم " إفادة التراخي في الرتبة لأن الإخبار بتسليط الخذلان عليهم أينما كانوا أعظم من الإخبار بانهزامهم عند القتال . فإن قيل : هب أن اليهود كذلك ، لكن النصارى قد يوجحد لهم قوة وشوكة في ديارهم . قلنا : هذه الآيات مخصوصة باليهود وأسباب النزول تدل على ذلك ، فكان كما أخبر من حال بني قريظة والنضير وبني قينقاع وأهل خيبر ، أو لعل نفي النصرة عنهم بعد القتال ولم يوجد نصراني بهذه الحالة . وفي الآية تشجيع للمؤمنين وتثبيت لمن آمن من أهل الكتاب كيلا يلتفتوا إلى تضليلاتهم وتحريفاتهم .

/خ111