فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{لَن يَضُرُّوكُمۡ إِلَّآ أَذٗىۖ وَإِن يُقَٰتِلُوكُمۡ يُوَلُّوكُمُ ٱلۡأَدۡبَارَ ثُمَّ لَا يُنصَرُونَ} (111)

( لن يضروكم ) أي اليهود يا معشر المسلمين بنوع من أنواع الضرر ( إلا ) بنوع ( أذى ) وهو الكذب والتحريف والبهت ، ولا يقدرون على الضرر الذي هو الضرر في الحقيقة بالحرب والنهب ونحوهما ، فالاستثناء مفرغ ، قال الحسن :تسمعون منهم كذبا على الله يدعونكم إلى الضلالة .

وهذا وعد من الله لرسوله وللمؤمنين أن أهل الكتاب لا يغلبونهم وأنهم منصورون عليهم ، وقيل الاستثناء منقطع ، والمعنى لن يضروكم البتة لكن يؤذونكم يعني باللسان من طعنهم في دينكم أو تهديد أو إلقاء شبهة وتشكيك في القلوب ، وكل ذلك يوجب الأذى والغم .

ثم بين سبحانه ما نفاه من الضرر بقوله ( وإن يقاتلوكم يولوكم الأدبار ) أي ينهزمون ولا يقدرون على مقاومتكم فضلا عن أن يضروكم ( ثم لا ينصرون ) أي لا يوجد لهم نصر ولا يثبت لهم غلب في حال من الأحوال ، بل شأنهم الخذلان ما داموا ، ولكن النصر عليهم .

وقد وجدنا ما وعدنا سبحانه حقا ، فإن اليهود لم يخفق لهم راية نصر ولا اجتمع لهم جيش غلب بعد نزول هذه الآية فهي من معجزات النبوة .