الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{لَن يَضُرُّوكُمۡ إِلَّآ أَذٗىۖ وَإِن يُقَٰتِلُوكُمۡ يُوَلُّوكُمُ ٱلۡأَدۡبَارَ ثُمَّ لَا يُنصَرُونَ} (111)

{ لَن يَضُرُّوكُمْ إِلاَّ أَذًى } الآية قال مقاتل : إنّ رؤوس اليهود كعباً وعدياً والنعمان وأبا رافع وأبا ياسر وكنانة وأبو صوريا عمدوا إلى مؤمنيهم عبد الله بن سلام وأصحابه : فآذوهم لإسلامهم ، فأنزل الله تعالى { لَن يَضُرُّوكُمْ إِلاَّ أَذًى } يعني لن يضركم أيها المؤمنون هؤلاء اليهود إلاّ أذى باللسان يعني وعيداً وطعناً . وقيل : دعاء إلى الضلالة . وقيل : كلمة الكفر إن يسمعوها منهم يتأذّوا بها { يُوَلُّوكُمُ الأَدْبَارَ } منهزمين ، وهو جزم بجواب الجزاء ، { ثُمَّ لاَ يُنصَرُونَ } استأنف لأجل رؤوس الآي لأنها على النون ، كقوله { وَلاَ يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ } [ المرسلات : 36 ] . تقديرها : ثم هم لا ينصرون . وقال في موضع آخر : { ولاَ يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُواْ } [ فاطر : 36 ] ؛ إذ لم يكن رأس آية . قال الشاعر :

ألم تسأل الربع القديم فينطق

أي فهو ينطق .

قال الأخفش : قوله { لَن يَضُرُّوكُمْ إِلاَّ أَذًى } استثناء خارج من أول الكلام ، كقول العرب : ما اشتكى شيئاً إلاّ خيراً ، قال الله تعالى

{ لاَّ يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْداً وَلاَ شَرَاباً * إِلاَّ حَمِيماً وَغَسَّاقاً } [ النبأ : 25 ] ولأن هذا الأذى لا يضرهم . ومعناه لكن آذىً .