ثم حض على طلب الآخرة فقال :{ إنما الحياة الدنيا لعب ولهو } باطل وغرور ، { وإن تؤمنوا وتتقوا } الفواحش ، { يؤتكم أجوركم } جزاء أعمالكم في الآخرة ، { ولا يسألكم } ربكم ، { أموالكم } لإيتاء الأجر بل يأمركم بالإيمان والطاعة ليثيبكم عليها الجنة ، نظيره قوله : { ما أريد منهم من رزق } ( الذاريات-57 ) ، وقيل : لا يسألكم محمد أموالكم ، نظيره : { قل ما أسألكم عليه من أجر }( ص-86 ) . وقيل : معنى الآية : لا يسألكم الله ورسوله أموالكم كلها في الصدقات ، إنما يسألانكم غيضاً من فيض ، ربع العشر فطيبوا بها نفساً وقروا بها عينا . وإلى هذا القول ذهب ابن عيينة ، يدل عليه سياق الآية : { إن يسألكموها فيحفكم } .
{ 36-38 } { إِنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ وَلَا يَسْأَلْكُمْ أَمْوَالَكُمْ * إِنْ يَسْأَلْكُمُوهَا فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا وَيُخْرِجْ أَضْغَانَكُمْ * هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ }
هذا تزهيد منه لعباده في الحياة الدنيا بإخبارهم عن حقيقة أمرها ، بأنها لعب ولهو ، لعب في الأبدان ولهو في القلوب ، فلا يزال العبد لاهيا في ماله ، وأولاده ، وزينته ، ولذاته من النساء ، والمآكل والمشارب ، والمساكن والمجالس ، والمناظر والرياسات ، لاعبا في كل عمل لا فائدة فيه ، بل هو دائر بين البطالة والغفلة والمعاصي ، حتى تستكمل دنياه ، ويحضره أجله ، فإذا هذه الأمور قد ولت وفارقت ، ولم يحصل العبد منها على طائل ، بل قد تبين له خسرانه وحرمانه ، وحضر عذابه ، فهذا موجب للعاقل الزهد فيها ، وعدم الرغبة فيها ، والاهتمام بشأنها ، وإنما الذي ينبغي أن يهتم به ما ذكره بقوله : { وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا } بأن تؤمنوا بالله ، وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر ، وتقوموا بتقواه التي هي من لوازم الإيمان ومقتضياته ، وهي العمل بمرضاته على الدوام ، مع ترك معاصيه ، فهذا الذي ينفع العبد ، وهو الذي ينبغي أن يتنافس فيه ، وتبذل الهمم والأعمال في طلبه ، وهو مقصود الله من عباده رحمة بهم ولطفا ، ليثيبهم الثواب الجزيل ، ولهذا قال : { وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ وَلَا يَسْأَلْكُمْ أَمْوَالَكُمْ } أي : لا يريد تعالى أن يكلفكم ما يشق عليكم ، ويعنتكم من أخذ أموالكم ، وبقائكم بلا مال ، أو ينقصكم نقصا يضركم ، ولهذا قال :
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.